واعم فهو اشهر واجلى فى التعقل واما على الفصل فلشرفه حيث دل على الماهية ولتقدمه عليه فى التحديد واما على الخاصة والعرض العام فلافتقارهما الى جزء الماهية حيث كانا خارجين عنها ثم تقديم النوع لدلالته على الماهية ثم الفصل لكونه ذاتيا ثم الخاصة لمكان الاختصاص فلذلك ترتب فى الكتاب على هذا النسق قال الفصل الثاني فى مباحث الجنس الأول فى تعريفه انه الكلى المقول على كثيرين مختلفين بالنوع فى جواب ما هو أقول لفظة الجنس كانت فيما بين اليونانيين موضوعة لمعنى نسبى يشترك فيه اشخاص كالعلوية للعلويين والمصرية للمصريين وللواحد الذي ينسب اليه الأشخاص كعلى ومصر لهم وكان هذا اولى عندهم بالجنسية وللحرف والصناعات بالقياس الى المشتركين فيها وللشركة ايضا ثم نقلت الى المعنى المصطلح لمشابهته تلك الأمور من حيث انه معقول واحد له نسبة الى كثرة يشترك فيه وهو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع فى جواب ما هو فالمقول كالجنس البعيد يتناول الكلى والشخصى لأنه مقول على واحد فيقال هذا زيد وبالعكس والمقول على كثيرين كالجنس القريب يخرج به الشخصى ويتناول الكليات الخمس فهو كالجنس لها بل جنس لأنه مرادف للكلى الا ان دلالته تفصيلية ودلالة الكلى اجمالية وما قد وقع فى بعض النسخ من انه الكلى المقول على كثيرين لا يخلو عن استدراك وحمله على ما يقال على كثيرين بالفعل تنبيها على ان الجنسية انما هى بالقياس الى انواع متعددة بخلاف النوعية فانها يمكن ان يتحقق بالقياس الى شخص واحد سهو لأنه ان اريد بالكثيرين الافراد الموجودة فى الخارج لم يتناول الأجناس المعدومة ولم يكن المقول على كثيرين كالجنس للخمسة لعدم شموله الكليات المعدومة والمنحصرة فى شخص واحد وان اريد به الافراد المتوهمة فلا فرق بين النوع والجنس وقولنا مختلفين بالنوع يخرج النوع لأنه لا يقال على مختلفين بالنوع بل بالعدد وقولنا فى جواب ما هو يخرج الثلاثة الباقية اذ لا يقال كل منها فى جواب ما هو لعدم دلالتها على الماهية بالمطابقة وان اتفق ان يقال شي ء منها بهذه الصفة فقد صار جنسا لكن قيد من حيث هو كذلك مراد فى حدود الأشياء الداخلة تحت المضاف وان لم يصرح به وعلى التعريف شكوك الأول ان المقول على كثيرين لو كان جنسا للخمسة لكان اعم من الجنس المطلق واخص منه وهو محال اما كونه اعم فلانه جنس للجنس المطلق والجنس يكون اعم من النوع واما كونه اخص فلأنه جنس للخمسة وجنس الخمسة اخص من مطلق الجنس واما استحالة التالى فلاستلزامه امتناع وجود المقول على كثيرين بدون الجنس وجواز وجوده بدونه وهذا السؤال غير متوجه على كلام المصنف لأنه ما قال المقول على كثيرين جنس للخمسة بل كالجنس وجوابه منع استحالة التالى وانما يكون محالا لو كان المقول على كثيرين اعم من الجنس واخص باعتبار واحد وليس كذلك بل باعتبارين فان المقول على كثيرين اعم من الجنس باعتبار ذاته اى مفهومه فان كل جنس مقول على كثيرين من غير عكس وليس اخص منه باعتبار مفهومه فليس كل مقول على كثيرين جنسا بل باعتبار عارض له وهو كونه جنسا للخمسة ولا امتناع فى كون الشي ء اعم باعتبار ذاته واخص منه بحسب عارضه كالمضاف فانه اعم الكلى بحسب مفهومه واخص منه باعتبار انه جنس من الأجناس العالية فلئن قلت المقول على كثيرين من حيث انه جنس للخمسة جنس للنوع والجنس وساير الكليات والا لم يكن جنسا للخمسة فيكون جنسا للجنس من تلك الحيثية فهو اعم منه واخص من جهة واحدة فنقول لا نسلم ان المقول على كثيرين من حيث انه جنس للخمسة جنس للخمسة والا لصدق على النوع والجنس وغيرهما انه جنس للخمسة وليس كذلك بل هو جنس للخمسة باعتبار مفهومه من حيث هو الثاني ان النوع يعرف بالجنس اذ يقال انه كلى مقول عليه وعلى غيره الجنس فى جواب ما هو فتعريف الجنس به دور وجوابه ان النوع الذي عرف به الجنس هو النوع الحقيقى والذي عرف بالجنس النوع الإضافى فلا دور وهو غير مستقيم لأن النوع الماخوذ فى تعريف الجنس اما الاضافى او الحقيقى واياما كان يفسد التعريف اما اذا كان اضافيا فلما ذكر واما اذا كان حقيقيا فلأمرين الأول انه يخل بانعكاس التعريف لخروج الأجناس العالية والمتوسطة منه لأنها لا يقال على الأنواع الحقيقية بل على الأجناس فلئن قلت لا نم انها لا يقال على الانواع الحقيقية غاية ما فى الباب انها ليست مقولة عليها بالذات لكن المقول اعم من ان يكون بالذات او بالواسطة فنقول انها اذا قيست الى الأجناس فلا شك انها تمام المشترك بينها فيكون اجناسا بالنسبة اليها مع عدم صدق الحد الثاني انه يلزم ان يكون كل نوع اضافى حقيقيا لأن النوع الإضافي يقال عليه وعلى غيره الجنس فى جواب ما هو وكل ما هذا شانه فهو نوع حقيقى اذ اضافة الجنس انما اعتبرت بالقياس اليه وقد اجيب عن الشبهة بان النوع والجنس متضايفان وكل واحد من المتضايفين انما يعقل بالقياس الى الاخر فيجب ان يؤخذ كل منهما فى بيان الاخر ضرورة وزيفه الشيخ فى الشفاء اما اولا فلأنه ليس بحل اذ من شانه القدح فى بعض مقدمات الشبهة ولا قدح هناك واما ثانيا فلأنه يوجب زيادة شك لجريانه فى ساير المضافات واما ثالثا فلأن المتضايفين انما يعرف كل منهما مع الأخر لا به وفرق بينهما فان الذي يعرف به الشي ء يكون جزء من معرفه وسابقا فى المعرفة عليه والذي يعرف مع الشي ء فهو ما اذا حصل العرفان لمعرف الشي ء عرف الشي ء به وعرف هو معه فلا يعرف احد المتضايفين بالآخر بل يندرج كل منهما فى تعريف الاخر ولى ضرب من التلطف والإيماء كما اذا سئل ما لأخ فلا يقال فى جوابه انه الذي له الأخ بل انه الذي ابوه بعينه ابو انسان اخر فالمرضى من الجواب ان المراد بالنوع فى تعريف الجنس الماهية والحقيقة وكثيرا ما يعنى به ذلك فى عادتهم وحينئذ يتم التعريف ويندرج الإضافة فيه اندراجا فانك اذا قلت مقول على المختلف بالحقيقة وجعلت المختلف بالحقيقة مقولا عليه وكذلك اذا قلت مقول عليه وعلى غيره الجنس فى جواب ما هو جعلت الجنس مقولا على المختلف بالحقيقة اذ لا خفاء فى ان المراد بالغير هو المغاير فى الحقيقة ففى كل منهما اشارة الى المضايف الاخر الثالث المعنى الجنسى اما ان يكون موجودا فى الخارج او لا يكون واياما كان فالتعريف فاسد اما اذا كان موجودا فى الخارج فلأن كل موجود فى الخارج مشخص ولا شي ء من المشخص بمقول على كثيرين واما اذا لم يكن فلامتناع ان يكون مقوما للجزئيات الموجودة فى الخارج فلا يصلح لأن يقال عليها فى جواب ما هو فلئن قلت السؤال غير موجه لأن التعريف للجنس المنطقى وهو معدوم فى الخارج وليس بمقوم فنقول الترديد فى معروض الجنس المنطقى وهو المراد بالمعنى الجنسى وتقرير جوابه مسبوق بتقديم مقدمة وهى ان الذاهبين الى وجود الطبيعة فى الخارج فى ضمن الجزئيات قد اختلف مقالتهم فمنهم من قال ان امرا واحدا فى الخارج قد انضم اليه فصل او يشخص فصار نوعا او شخصا ثم اخر فصار اخر وهكذا فهو شي ء واحد بعينه موجود فى ضمن جزئياته وهو معنى الاشتراك ومنهم من احال ذلك وقال ليس هناك امر واحد بل هو فى العقل والموجود فى الخارج حصصه التي تشتمل عليها افراده فليس طبيعة الحيوان امرا واحدا فى ضمن جزئياته بل الموجود الحيوانات وهى حصصه الموجودة كل منها فى ضمن جزئى فى الخارج ومعنى اشتراكه انه مطابق لها على معنى ان المعقول من كل حصة هو المعقول من الأخرى واذ قد تصورت هذه المقدمة فاعلم ان المصنف بنى جوابه على المذهب الأول وتوجيهه ان يقال لم لا يجوز ان يكون المعنى الجنسى موجودا فى الخارج قوله لأن المشخص ليس مقولا على كثيرين قلنا ان اردتم بالمشخص المجموع المركب من التشخص ومعروضه فلا نم ان كل موجود فى الخارج كذلك فان طبائع الأشياء موجودة فى الخارج وليس هى نفس التشخص ولا المجموع المركب منه ومن التشخص وان اردتم بالمشخص معروض التشخص فلا نم الكبرى وانما يكون كذلك لو كان معروض التشخص واحدا بالتشخص وهو ممنوع بل واحد بالجنس وعروض التشخص لا ينافى اشتراكه بين امور متعددة وفى لفظه تسامح حيث جعل المعنى الجنسى واحدا بالنوع لأنه خارج عن الاصطلاح وربما يجاب بناء على المذهب الثاني ويقال لم لا يجوز ان لا يكون المعنى الجنسى موجودا فى الخارج بل فى العقل ولا نم انه اذا لم يكن مقوما للجزئيات فى الخارج لم يكن مقولا عليها فى جواب ما هو وانما لم يكن كذلك لو لم يكن هو والمقوم للجزئيات متحدين بحسب الماهية وهو ممنوع فان المقوم للجزئيات حصصه الموجودة فيها المطابقة له والحق فى الجواب ان الاشتراك انما يعرض للأشياء عند كونها فى الذهن وتشخصها خارجا لا ينافى ذلك وشك رابع ان احد الأمور الثلاثة لازم وهو اما ان لا يكون المعنى الجنسى مقولا على كثيرين او لا يكون مقولا على كثيرين مختلفين او لا يكون مقولا عليها فى جواب ما هو وايا ما كان لا يستقيم التعريف بيان اللزوم ان المعنى الجنسى ان كان داخلا فى الماهية ولا شي ء من الجزء بمحمول فلا يكون مقولا على كثيرين وان كان نفس الماهية فلا يقال على كثرة مختلفة بل متفقة الحقيقة وان كان خارجا عن الماهية فلا يصلح لجواب ما هو وجوابه ان بعض الجزء محمول لا من حيث انه جزء بل من حيثية اخرى فان الحيوان مثلا اذا اخذ بشرط شي ء اى بشرط ان يدخل فى مفهومه ما له دخول فيه كان نوعا فان الإنسان حيوان دخل فى ماهية الفصل وان اخذ بشرط لا شي ء اى بشرط ان يخرج عن مفهومه ما يعتبر معه زائدا عليه كان جزء ومادة ضرورة ان الجزء يخرج عن مفهومه الجزء الأخر وان اخذ اعم من الوجهين بحيث يمكن ان يعرضه تارة انه جزء واخرى انه نوع كان جنسا ومحمولا فمعروض الجزئية هو معروض الجنسية والمحمولية نعم لا يصدق على النوع انه حيوان خرج عن مفهومه الفصل لكن لا يوجب ذلك عدم صدق الحيوان من حيث هو عليه ثم ان هذا التعريف هل هو حدا ورسم قال الإمام المشهور فى الكتب انه رسم للجنس لأنهم يقولون الجنس يرسم بكذا وهو بالحد اشبه لأن التعريف ليس الا للجنس المنطقى ولا ماهية له وراء هذا الاعتبار فانه لا معنى لكون الحيوان جنسا الا كونه مقولا على كثيرين مختلفين بالحقائق فى جواب ما هو قال المصنف وهو غير معلوم لجواز ان يكون للجنس ماهية مغايرة لهذا المفهوم مساوية له ولو عناه من الجنس لم يمكنه ابطال ارادتهم وهذا الكلام ليس بشي ء فان الكليات المنطقية ماهيات اعتبارية
صفحة ٨٠