لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي تَوْبَتِهِ قَبُولًا وَرَدًّا، فَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَهُمُ الْمُنَافِقُ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ. انْتَهَى.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَّالِيُّ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ: " «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى سَبْعِينَ، أَوْ إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: " الزَّنَادِقَةُ، وَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ» ". أَخْرَجَهُ الْعَقِيلِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا، قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نَرَاهُمُ الْقَدَرِيَّةَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَضَعَهُ الْأَبْرَدُ بْنُ أَشْرَسَ، وَكَانَ وَضَّاعَا كَذَّابًا، وَأَخَذَهُ مِنْهُ يَاسِينُ الزَّيَّاتُ، فَقَلَبَ إِسْنَادَهُ وَخَلَطَهُ، وَسَرَقَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْقُرَشِيُّ، وَهَؤُلَاءِ كَذَّابُونَ مَتْرُوكُونَ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ «أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَفْتَرِقُ إِلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ»، فَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ وَأَبِي أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةَ وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ قَالُوا: «وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ» . وَلَفْظُ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ مَا تَقَدَّمَ، فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ دُونَ الْحَدِيثِ الْمَكْذُوبِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَخَذَ يَذْكُرُ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ فَقَالَ:
[قول أهل السنة في النصوص]
«فَأَثْبَتُوا النُّصُوصَ بِالتَّنْزِيهِ ... مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ وَلَا تَشْبِيهِ»
«فَكُلُّ مَا جَاءَ مِنَ الْآيَاتِ ... أَوْ صَحَّ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ ثِقَاتِ»
«مِنَ الْأَحَادِيثِ نُمِرُّهُ كَمَا ... قَدْ جَاءَ فَاسْمَعْ مِنْ نِظَامِي وَاعْلَمَا»
«وَلَا نَرُدُّ ذَاكَ بِالْعُقُولِ ... لِقَوْلِ مُفْتَرٍ بِهِ جَهُولِ»
«فَعِقْدُنَا الْإِثْبَاتُ يَا خَلِيلِي ... مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ وَلَا تَمْثِيلِ»
1 / 93