لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
إِيمَانًا، وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ يُجْمَعُ عَلَى أَنَّهَا كُفْرٌ، يُقَالُ لِمُرْتَكِبِهَا فَسَقَ وَعَصَى، لَا فَاسِقٌ وَلَا عَاصٍ، وَمَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ لَطَمَهُ فَقَدْ كَفَرَ ; لِأَنَّهُ دَلِيلُ تَكْذِيبِهِ. هَذِهِ هِيَ الْمُرْجِئَةُ الْخَالِصَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْإِرْجَاءِ وَالْقَدَرِ، كَمُحَمَّدِ بْنِ شَبِيبٍ، وَغَيْلَانَ الدِّمَشْقِيِّ خَالِ الْأَوْزَاعِيِّ. أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، ثُمَّ غَيْلَانُ.
(السَّادِسَةُ): النَّجَّارِيَّةُ، وَهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّجَّارِ، وَافَقُوا أَهْلَ السُّنَّةِ فِي خَلْقِ الْأَفْعَالِ، وَأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مَعَ الْفِعْلِ، وَالْعَبْدُ مُكْتَسِبٌ، وَوَافَقُوا الْمُعْتَزِلَةَ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ وَحُدُوثِ الْكَلَامِ، وَفِرَقُهُمْ ثَلَاثٌ: (الْبَرْغُوثِيَّةُ)، قَالُوا: كَلَامُ اللَّهِ إِذَا قُرِئَ عَرَضٌ، وَإِذَا كُتِبَ جِسْمٌ، (وَالزَّعْفَرَانِيَّةُ) قَالُوا: كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُهُ، وَكُلُّ مَا هُوَ غَيْرُهُ مَخْلُوقٌ، وَمَنْ قَالَ كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ كَفَرَ، (وَالْمُسْتَدْرِكَةُ)، اسْتَدْرَكُوا عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ مُطْلَقًا، لَكِنَّا وَافَقْنَا السُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ فِي نَفْيِهِ، وَقَالُوا: أَقْوَالُ مُخَالِفِينَا كَذِبٌ، حَتَّى قَوْلُهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
[فرقة الجبرية]
الْفِرْقَةُ الْخَامِسَةُ الْجَبْرِيَّةُ
الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّا مُجْبَرُونَ عَلَى أَفْعَالِنَا، وَيُسْنِدُونَ الْأَفْعَالَ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى، فَمِنْهُمْ (مُتَوَسِّطَةٌ)، يُسْنِدُونَ الْفِعْلَ إِلَى اللَّهِ، وَيُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ كَسْبًا، (وَخَالِصَةٌ)، لَا تُثْبِتُ لِلْعَبْدِ شَيْئًا كَالْجَهْمِيَّةِ أَصْحَابِ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالُوا: لَا قُدْرَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا، وَاللَّهُ ﷾ لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَعِلْمُهُ - تَعَالَى - حَادِثٌ لَا فِي مَحَلٍّ، وَلَا يُوصَفُ بِمَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ، كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ. وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ يَفْنَيَانِ. وَوَافَقُوا الْمُعْتَزِلَةَ فِي نَفْيِ الرُّؤْيَةِ، وَخَلْقِ الْكَلَامِ، وَإِيجَابِ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَقْلِ. وَقَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ أَعْظَمِ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْإِفْكِ وَالضَّلَالِ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، حَتَّى إِنَّ الْإِمَامَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، أَجَابَ بِأَنَّ أُصُولَهَا أَرْبَعَةٌ: الشِّيعَةُ، وَالْخَوَارِجُ، وَالْمُرْجِئَةُ، وَالْقَدَرِيَّةُ. فَقِيلَ لَهُ فَالْجَهْمِيَّةُ؟ فَقَالَ: لَيْسَتِ الْجَهْمِيَّةُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ. وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّا لَنَحْكِي قَوْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ، فَإِنَّ الْجَهْمِيَّةَ تَارَةً تَقُولُ بِالْحُلُولِ، وَتَارَةً قَوْلُهَا إِلَى
1 / 90