لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

محمد بن أحمد السفاريني ت. 1188 هجري
80

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

الناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢ هجري

مكان النشر

دمشق

مَنْ فِعْلِ الْعَبْدِ، وَالْقُرْآنُ جَسَدٌ يَنْقَلِبُ تَارَةً رَجُلًا وَتَارَةً امْرَأَةً. (الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ): الْكَعْبِيَّةُ أَصْحَابُ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَعْبِيِّ، قَالُوا: فِعْلُ الرَّبِّ وَاقِعٌ بِغَيْرِ إِرَادَتِهِ، وَلَا يَرَى نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ إِلَّا بِمَعْنَى الْعِلْمِ. (التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ): الْجُبَّائِيَّةُ وَهُمْ شِيعَةُ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، قَالُوا: إِرَادَةُ اللَّهِ حَادِثَةٌ لَا فِي مَحَلٍّ، وَالْعَالَمُ يَفْنَى فَنَاءً لَا فِي مَحَلٍّ، وَاللَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ يَخْلُقُهُ فِي جِسْمٍ، وَلَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَالْعَبْدُ خَالِقٌ فِعْلَهُ، وَمُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ، وَإِذَا مَاتَ بِلَا تَوْبَةٍ يَخْلُدُ فِي النَّارِ، وَلَا كَرَامَةَ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَيَجِبُ عَلَى اللَّهِ إِكْمَالُ عَقْلِ الْمُكَلَّفِ، وَإِعْدَادُ أَسْبَابِ التَّكْلِيفِ لَهُ مِنْ بَعْثِ الرُّسُلِ وَالْمُعْجِزَةِ عَلَى يَدِهِ. وَشَارَكَهُ ابْنٌ لَهُ - يَعْنِي أَبَا عَلِيٍّ - وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ، وَانْفَرَدَ أَبُو عَلِيٍّ بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِلَا صِفَةٍ، وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ كَوْنُهُ حَيًّا بِلَا آفَةٍ. (الْعِشْرُونَ): الْهَاشِمِيَّةُ فِرْقَةُ أَبِي هَاشِمٍ، قَالُوا: لَا تَوْبَةَ عَنْ كَبِيرَةٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى غَيْرِهَا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِقُبْحِهَا، وَلَا مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ عِلْمٌ بِمَعْلُومَيْنِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَأَثْبَتَ لِلَّهِ خَمْسَ حَالَاتٍ: الْحَيِيَّةَ، وَالْعَالِمِيَّةَ، وَالْقَادِرِيَّةَ، وَالْمَوْجُودِيَّةَ، وَالْإِلَهِيَّةُ مُوجِبَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ، فَهَذِهِ الْعِشْرُونَ فِرْقَةً الْمَشْهُورَةُ مِنْ فِرَقِ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ، وَكُلُّهَا مُتَّصِفَةٌ بِالْبِدَعِ وَالضَّلَالِ. [فرقة الشيعة] الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الشِّيعَةُ الشَّنِيعَةُ وَافْتَرَقَتْ إِلَى اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ فِرْقَةً، وَأُصُولُ ذَلِكَ كُلُّهُ ثَلَاثُ فِرَقٍ غُلَاةٌ وَإِمَامِيَّةٌ وَزَيْدِيَّةٌ، أَمَّا الْغُلَاةُ فَافْتَرَقَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِرْقَةً، يُكَفِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، (أَحَدُهَا) السَّبَئِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ الَّذِي قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁: أَنْتَ الْإِلَهُ حَقًّا، فَأَحْرَقَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ، فَخَدَّ لَهُمْ أَخَادِيدَ، وَأَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ، وَقَالَ: إِنِّي إِذَا سَمِعْتُ قَوْلًا مُنْكَرًا ... أَجَّجْتُ نَارًا وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: وَابْنُ سَبَأٍ هَذَا أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ الرَّفْضَ، قَالَ: وَكَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا، أَرَادَ فَسَادَ دِينِ الْإِسْلَامِ كَمَا فَعَلَ بُولِسُ صَاحِبُ الرَّسَائِلِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّصَارَى، حَيْثُ ابْتَدَعَ لَهُمْ بِدَعًا أَفْسَدَ بِهَا دِينَهُمْ، وَكَانَ يَهُودِيًّا فَأَظْهَرَ النَّصْرَانِيَّةَ نِفَاقًا لِقَصْدِ إِفْسَادِ مِلَّتِهِمْ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سَبَأٍ يَهُودِيًّا، فَقَصَدَ ذَلِكَ وَسَعَى فِي الْفِتْنَةِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ، لَكِنْ حَصَلَ

1 / 80