لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية-١٤٠٢ هـ
سنة النشر
١٩٨٢ م
مكان النشر
دمشق
عَنْهُمَا: لَا تَنْبَغِي الصَّلَاةُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ، وَلَكِنْ يُدْعَى لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ بِالِاسْتِغْفَارِ. وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَ اللَّهُ رُوحَهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ نَاسًا مِنَ النَّاسِ قَدِ الْتَمَسُوا الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ مِنَ الْقُصَّاصِ قَدْ أَحْدَثُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى خُلَفَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ عَدْلَ صَلَاتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَإِذَا جَاءَ كِتَابِي فَمُرْهُمْ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُمْ عَلَى النَّبِيِّينَ، وَدُعَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: مَنْعُ تَحْرِيمٍ، أَوْ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، أَوْ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْأَوْلَى، حَكَاهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ اسْتِقْلَالًا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى - مِنْ أَئِمَّةِ مَذْهَبِنَا - فِي كِتَابِهِ رُءُوسِ الْمَسَائِلِ: وَبِذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَخُصَيْفٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَقَدْ سُئِلَ: أَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ الْقَاضِي، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِصَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ يَأْتِيهِ بِالصَّدَقَةِ. وَاخْتَارَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمُ الْجَوَازَ، مَا لَمْ يَتَّخِذْهُ شِعَارًا أَوْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدًا إِذَا ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ، كَفِعْلِ الرَّافِضَةِ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَجْمَعِينَ، فَيُكْرَهُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ. هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[الكلام على بعد وأما بعد]
«وَبَعْدُ فَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ الْعِلْمِ ... كَالْفَرْعِ لِلتَّوْحِيدِ فَاسْمَعْ نَظْمِي»
«لِأَنَّهُ الْعِلْمُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي ... لِعَاقِلٍ لِفَهْمِهِ لَمْ يَبْتَغِ»
«وَبَعْدُ» الْوَاوُ بَدَلٌ عَنْ أَمَّا النَّائِبَةِ عَنْ مَهْمَا، وَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ لَزِمَتِ الْفَاءَ فِي جَوَابِهَا، وَبَعْدُ مِنَ الظُّرُوفِ الْمُبَيِّنَةِ مَا لَمْ تُضَفْ لَفْظًا وَمَعْنًى، أَوْ يُنْوَى ثُبُوتُ لَفْظِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا، أَوْ تُقْطَعْ عَنِ الْإِضَافَةِ رَأْسًا فَتُعْرَبُ حِينَئِذٍ فِي الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ حُذِفَ الْمُضَافُ إِلَيْهَا أَوْ نُوِيَ ثُبُوتُ مَعْنَاهُ بُنِيَتْ عَلَى الضَّمِّ، وَيُؤْتَى
1 / 55