لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
Creeds and Sects
أَسْلَمُ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْعَلَامَةَ الطَّوْفِيُّ فِي (قَوَاعِدِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْتِدَالِ): الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ أَنَّهُمْ لَا يَتَأَوَّلُونَ الصِّفَاتَ الَّتِي مِنْ جِنْسِ الْحَرَكَةِ، كَالْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالنُّزُولِ وَالْهُبُوطِ وَالدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي، كَمَا لَا يَتَأَوَّلُونَ غَيْرَهَا مُتَابَعَةً لِلسَّلَفِ الصَّالِحِ، وَقَالَ: وَكَلَامُ السَّلَفِ فِي هَذَا الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الْمَعْنَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَمَّا سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النُّزُولِ: يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: يَدْنُو مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ يَشَاءُ.
وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ عِيَاضٍ إِذَا قَالَ لَكَ الْجَهْمِيُّ أَنَا أَكْفُرُ بِرَبٍّ يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ، فَقُلْ أَنَا أُؤْمِنُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.
وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ: حَضَرْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، فَسَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ حَدِيثِ " «إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» " وَقَالَ لَهُ: فَالنُّزُولُ كَيْفَ يَكُونُ؟ يَبْقَى فَوْقَهُ عُلُوٌّ؟ ! فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ: النُّزُولُ مَعْقُولٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدَعَةٌ. فَقَدْ قَالَ فِي النُّزُولِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الِاسْتِوَاءِ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْأَمِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَحَضَرَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النُّزُولِ أَصَحِيحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ قُوَّادِ الْأَمِيرِ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، أَتَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ: قَالَ: وَكَيْفَ يَنْزِلُ؟ قَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: أَثْبِتِ الْحَدِيثَ حَتَّى أَصِفَ لَكَ النُّزُولَ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَثْبَتُهُ. فَقَالَ إِسْحَاقُ: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]، فَقَالَ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ إِسْحَاقُ: أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِيرَ، وَمَنْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَمْنَعُهُ الْيَوْمَ؟ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ.
1 / 243