لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
Creeds and Sects
﵁ أَحَادِيثُ الصِّفَاتِ تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ مَعَانِيهَا، وَنُخَالِفُ مَا خَطَرَ فِي الْخَاطِرِ عِنْدَ سَمَاعِهَا، وَنَنْفِي التَّشْبِيهَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِهَا مَعَ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ ﷺ وَالْإِيمَانِ بِهَا، وَكُلُّ مَا يُعْقَلُ وَيُتَصَوَّرُ فَهُوَ تَكْيِيفٌ وَتَشْبِيهٌ وَهُوَ مُحَالٌ - كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِمَامُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ، انْتَهَى. وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ الْأَثَرِيَّةِ فَهُوَ الْحَقُّ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَائِدَةٌ
ذَكَرَ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الْجَوَابِ الصَّحِيحِ مَا نَصُّهُ: لَمَّا كَانَ حُلُولُ الْلَاهُوتِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادُهُ بِهِ مَذْهَبًا ضَلَّ بِهِ طَوَائِفُ كَثِيرُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ: النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ يَأْتِي بِخَوَارِقَ عَظِيمَةٍ، وَالنَّصَارَى احْتَجُّوا عَلَى إِلَاهِيَّةِ الْمَسِيحِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ عَلَامَاتِ كَذِبِهِ أُمُورًا ظَاهِرَةً لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى بَيَانِ مَوَارِدِ النِّزَاعِ الَّتِي ضَلَّ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ تُدْهِشُهُمُ الْخَوَارِقُ حَتَّى يُصَدِّقُوا صَاحِبَهَا قَبْلَ النَّظَرِ فِي إِمْكَانِ دَعْوَاهُ، وَإِذَا صَدَّقُوهُ صَدَّقُوا النَّصَارَى فِي دَعْوَى إِلَاهِيَّةِ الْمَسِيحِ، وَصَدَّقُوا أَيْضًا مَنِ ادَّعَى الْحُلُولَ وَالِاتِّحَادَ فِي بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَوْ بَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ وَالْفُجُورِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ كَالرَّازِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، حَيْثُ قَالُوا: دَلَائِلُ كَوْنِ الدَّجَّالِ لَيْسَ هُوَ اللَّهَ ظَاهِرَةٌ، فَكَيْفَ يَحْتَجُّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا السُّؤَالُ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِ قَائِلِهِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ بَنُو آدَمَ مِنْ إِضْلَالِ الْأَدِلَّةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ فَسَادَ الْأَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي عَهْدِ مُوسَى ﵇ ظَنُّوا أَنَّ الْعِجْلَ هُوَ إِلَهُ مُوسَى، فَقَالُوا: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى، وَظَنُّوا أَنَّ مُوسَى نَسِيَهُ، وَالنَّصَارَى مَعَ كَثْرَتِهِمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ، وَفِي الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْقِبْلَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَشَايِخِ أَوْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَكَابِرِ شُيُوخِ الْمَعْرِفَةِ أَوِ التَّصَوُّفِ يَجْعَلُونَ هَذَا نِهَايَةَ التَّحْقِيقِ وَالتَّوْحِيدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَحِّدُ هُوَ الْمُوَحَّدُ فَكَيْفَ يُسْتَبْعَدُ مَعَ
1 / 241