لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية-١٤٠٢ هـ
سنة النشر
١٩٨٢ م
مكان النشر
دمشق
وَجْهَيْنِ، وَالتَّكْفِيرُ مَنْقُولٌ عَنِ الْإِمَامِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَكِنَّ غَالِبَ أَصْحَابِنَا عَلَى كُفْرِهِ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ. وَذَكَرَ فِي مَكَانٍ آخَرَ: إِنْ جَحَدَ أَخْبَارَ الْآحَادِ كَفَرَ، كَالْمُتَوَاتِرِ عِنْدَنَا، فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ. فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ الْعِلْمَ بِهَا فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ، وَيَكْفُرُ فِي نَحْوِ مَا وَرَدَ فِي الْإِسْرَاءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الصِّفَاتِ، كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْجِرَاعِيِّ عَلَى أُصُولِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ اللَّحَّامِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ: يَجِبُ تَصْدِيقُ كُلِّ مُسْلِمٍ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ صِفَاتِهِ - تَعَالَى - فَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ إِذَا أَخْبَرَنَا بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَجَبَ عَلَيْنَا التَّصْدِيقُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ نُدْرِكْ ثُبُوتَهُ بِعُقُولِنَا، وَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ حَتَّى يَعْلَمَهُ بِعَقْلِهِ فَقَدْ أَشْبَهَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَنْهُمْ ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤]، وَمَنْ سَلَكَ هَذَا السَّبِيلَ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مُؤْمِنًا بِالرَّسُولِ، وَلَا مُتَلَقِّيًا عَنْهُ الْأَخْبَارَ بِشَأْنِ الرُّبُوبِيَّةِ، كَمَا سَنَذْكُرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي مَحَالِّهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى.
[التَّعْرِيفُ السَّابع بيان المراد بمذهب السلف]
(السَّابِعُ)
الْمُرَادُ بِمَذْهَبِ السَّلَفِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَأَعْيَانُ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَأَتْبَاعُهُمْ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ مِمَّنْ شُهِدَ لَهُ بِالْإِمَامَةِ، وَعُرِفَ عِظَمُ شَأْنِهِ فِي الدِّينِ، وَتَلَقَّى النَّاسُ كَلَامَهُمْ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، دُونَ مَنْ رُمِيَ بِبِدْعَةٍ، أَوْ شُهِرَ بِلَقَبٍ غَيْرِ مَرْضِيٍّ مِثْلِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْجَبْرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ، وَنَحْوِ هَؤُلَاءِ مِمَّا يَأْتِي ذِكْرُهُمْ عِنْدَ تَعْدَادِ الْفِرَقِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ
1 / 20