لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
Creeds and Sects
أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، وَالْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، إِلَى الْمَنْعِ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ ﵁ وَلِذَلِكَ كَرِهَ أَنْ تُرَدَّدَ سُورَةٌ دُونَ غَيْرِهَا، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَذْكُرُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ وُرُودِ النُّصُوصِ عَنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ بِالتَّفْضِيلِ.
وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: كَلَامُ اللَّهِ فِي اللَّهِ أَيِ الْمُتَعَلِّقُ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَفْضَلُ مِنْ كَلَامِهِ فِي غَيْرِهِ، فَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ.
وَقَالَ الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ - الْإِتْقَانِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ -: اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّفْضِيلِ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: التَّفْضِيلُ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ الْأَجْرِ، وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ بِحَسَبِ انْفِعَالَاتِ النَّفْسِ وَخَشْيَتِهَا وَتَدَبُّرِهَا وَتَفَكُّرِهَا عِنْدَ وُرُودِ أَوْصَافِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، وَقِيلَ: بَلْ يَرْجِعُ لِذَاتِ اللَّفْظِ، وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣] الْآيَةَ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ وَآخِرَ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ مِنَ الدَّلَالَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ لَيْسَ مَوْجُودًا مَثَلًا فِي ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١] وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَعَانِي الْعَجِيبَةِ وَكَرَامَتِهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَصْلٌ في ذِكْرِ الصِّفَاتِ الَّتِي يُثْبِتُهَا السلفيون ويجحدها غيرهم]
[وجوب التحرز عن إطلاق ما لم يطلقه الشرع إثباتا ونفيا]
«فَصْلٌ»
فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ الَّتِي يُثْبِتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى أَئِمَّةُ السَّلَفِ، وَعُلَمَاءُ الْأَثَرِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْخَلَفِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فَضْلًا عَنْ فِرَقِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْفَسَادِ، وَأَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ، وَأَهْلِ الْإِلْحَادِ، وَلَمَّا كَانَ فِي إِثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ مَا يَبْدُرُ لِلْعُقُولِ الْفَلْسَفِيَّةِ، وَالْأَقْيِسَةِ الْكَلَامِيَّةِ، وَالْأَخْيِلَةِ الْخَلْفِيَّةِ مَا يُوهِمُ التَّجْسِيمَ قَدَّمَ أَمَامَ الْمَقْصُودِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
«وَلَيْسَ رَبُّنَا بِجَوْهَرٍ وَلَا ... عَرَضٍ وَلَا جِسْمٍ تَعَالَى ذُو الْعُلَى»
«سُبْحَانَهُ قَدِ اسْتَوَى كَمَا وَرَدَ ... مِنْ غَيْرِ كَيْفٍ قَدْ تَعَالَى أَنْ يُحَدَّ»
«وَلَيْسَ رَبُّنَا» ﵎ «بِجَوْهَرٍ» يُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْعَرَضَ وَيُرَادُ بِهِ مَا فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْكَلَامِ يَعْنِي الْعَيْنَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ لَا فِعْلًا، وَلَا وَهْمًا، وَلَا فَرْضًا، وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ، وَعِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ وَبَعْضِ
1 / 181