لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
الناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
مِنْ إِثْبَاتِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَإِثْبَاتِ وَحْدَانِيَّتِهِ بِنَفْيِ التَّمْثِيلِ، مَا هَدَى اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ. فَهَذِهِ طَرِيقَةُ الرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، بِخِلَافِ مَنْ حَادَ وَزَاغَ عَنْ سَبِيلِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ، وَمَنْ ضَاهَى هَؤُلَاءِ مِنَ الصَّابِئَةِ وَالْمُتَفَلْسِفَةِ، وَالْقَرَامِطَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَالْبَاطِنِيَّةِ وَالْمُلْحِدِينَ، فَهُمْ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ، فَيَصِفُونَ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَلَا يُثْبِتُونَ لَهُ إِلَّا وُجُودًا مُطْلَقًا، لَا حَقِيقَةَ لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى وُجُودٍ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَقَوْلُهُمْ يَسْتَلْزِمُ التَّعْطِيلَ وَالتَّمْثِيلَ، فَإِنَّهُمْ يُمَثِّلُونَهُ بِالْمُمْتَنِعَاتِ وَالْمَعْدُومَاتِ وَالْجَمَادَاتِ، وَيُعَطِّلُونَ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ تَعْطِيلًا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَلَمَّا كَانَتْ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى - تَعَالَى - يَقُولُ بِإِثْبَاتِهَا أَهْلُ السُّنَّةِ، وَكَذَا الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى مَا مَرَّ قَدَمُ الْبَحْثِ عَلَيْهَا، وَلَمَّا كَانَتْ صِفَاتُهُ - تَعَالَى - مِنْهَا مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ كَالصِّفَاتِ السَّبْعِ، وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ كَصِفَاتِ فِعْلِهِ - تَعَالَى - وَرَحْمَتِهِ وَغَضَبِهِ وَنَحْوِهَا، بَدَأَ بِمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَهِيَ السَّبْعُ صِفَاتٍ الثُّبُوتِيَّةِ:
[الصفات الثبوتية]
[صفة الحياة]
«لَهُ الْحَيَاةُ وَالْكَلَامُ وَالْبَصَرْ ... سَمْعٌ إِرَادَةٌ وَعِلْمٌ وَاقْتَدَرْ»
(بِقُدْرَةٍ تَعَلَّقَتْ بِمُمْكِنْ ... كَذَا إِرَادَةٌ فَعِ وَاسْتَبِنْ»
(وَالْعِلْمُ وَالْكَلَامُ قَدْ تَعَلَّقَا ... بِكُلِّ شَيْءٍ يَا خَلِيلِي مُطْلَقَا»
(وَسَمْعُهُ سُبْحَانَهُ كَالْبَصَرِ ... بِكُلِّ مَسْمُوعٍ وَكُلِّ مُبْصَرْ»
(وَإِنَّ مَا جَاءَ مَعَ جِبْرِيلَ ... مِنْ مُحْكَمِ الْقُرْآنِ وَالتَّنْزِيلْ»
(كَلَامُهُ سُبْحَانَهُ قَدِيمْ ... أَعْيَا الْوَرَى بِالنَّصِّ يَا عَلِيمُ»
1 / 130