124

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

الناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢ هجري

مكان النشر

دمشق

تصانيف

Creeds and Sects
وَأَمَّا صِفَاتُ السَّلْبِ الْمَحْضِ، فَلَا تَدْخُلُ فِي أَوْصَافِهِ - تَعَالَى - إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَضَمِّنَةً لِثُبُوتٍ، كَالْأَحَدِ الْمُتَضَمِّنِ لِانْفِرَادِهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ، وَالسَّلَامِ الْمُتَضَمِّنِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَبَرَاءَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا يُضَادُّ كَمَالَهُ، وَكَذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِالسُّلُوبِ إِنَّمَا هُوَ لِتَضَمُّنِهَا ثُبُوتًا، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، فَإِنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِكَمَالِ حَيَاتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨] مُتَضَمِّنٌ لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [يونس: ٦١] مُتَضَمِّنٌ لِكَمَالِ عِلْمِهِ، وَنَظَائِرِ ذَلِكَ.
[التنبيه الثاني ما يدخل في الإخبار عنه أوسع من الأسماء والصفات]
الثَّانِي
يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ - تَعَالَى - أَوْسَعُ مِمَّا يَدْخُلُ فِي بَابِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ هَذَا يُخْبَرُ بِهِ عَنْهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى.
[التنبيه الثالث الأسماء الحسنى أعلام وأوصاف]
الثَّالِثُ
أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى أَعْلَامٌ وَأَوْصَافٌ، فَالْوَصْفُ فِيهَا لَا يُنَافِي الْعَلَمِيَّةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَوْصَافِ الْعِبَادِ، ثُمَّ إِنَّ الِاسْمَ مِنْ أَسْمَائِهِ لَهُ دَلَالَاتٌ: دَلَالَةٌ عَلَى الذَّاتِ وَالصِّفَةِ بِالْمُطَابَقَةِ، وَدَلَالَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالتَّضَمُّنِ، وَدَلَالَةٌ عَلَى الصِّفَةِ الْأُخْرَى بِاللُّزُومِ، وَلِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى اعْتِبَارَانِ: (أَحَدُهُمَا) مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ، (وَالثَّانِي) مِنْ حَيْثُ الصِّفَاتِ، فَهِيَ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ مُتَرَادِفَةٌ، وَبِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي مُتَبَايِنَةٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَسْمَاءَهُ ﷾ وَأَنَّهَا ثَابِتَةٌ لِلذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَنَّهَا عَظِيمَةٌ قَدِيمَةٌ، أَرْدَفَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
[أسماؤه تعالى توقيفية]
(لَكِنَّهَا فِي الْحَقِّ تَوْقِيفِيَّهْ ... لَنَا بِذَا أَدِلَّةٌ وَفِيَّهْ)
(لَكِنَّهَا) أَيِ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى (فِي) الْقَوْلِ (الْحَقِّ) الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ (تَوْقِيفِيَّةٌ) بِنَصِّ الشَّرْعِ وَوُرُودِ السَّمْعِ بِهَا. وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ عُلَمَاءَ السُّنَّةِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى عَلَى الْبَارِي - جَلَّ وَعَلَا - إِذَا وَرَدَ بِهَا الْإِذْنُ مِنَ الشَّارِعِ، وَعَلَى امْتِنَاعِهِ عَلَى مَا وَرَدَ الْمَنْعُ عَنْهُ، وَاخْتَلَفُوا حَيْثُ لَا إِذْنَ وَلَا مَنْعَ فِي جَوَازِ إِطْلَاقِ مَا كَانَ - تَعَالَى - مُتَّصِفًا بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ الْمَوْضُوعَةِ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ، إِذْ لَيْسَ

1 / 124