لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

محمد بن أحمد السفاريني ت. 1188 هجري
11

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

الناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢ هجري

مكان النشر

دمشق

النَّاسَ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَتَهَدَّدَهُمْ وَخَوَّفَهُمْ، فَأَجَابَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، وَامْتَنَعَ مِنْ إِجَابَتِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ عَالِمُ دِمَشْقَ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَالِمُ مِصْرَ، وَالْبُوَيْطِيُّ فَقِيهُ مِصْرَ، وَعَفَّانُ مُحَدِّثُ الْعِرَاقِ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ، فَسَجَنَهُمْ ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ بِطَرَسُوسَ وَدُفِنَ ثُمَّ اسْتُخْلِفَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الْمُعْتَصِمُ، فَامْتَحَنَ النَّاسَ وَنَهَضَ بِأَعْبَاءِ الْمِحْنَةِ قَاضِيهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ، وَضَرَبُوا الْإِمَامَ أَحْمَدَ ﵁ ضَرْبًا مُبَرِّحًا، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَنَاظَرُوهُ وَجَرَتْ أُمُورٌ صَعْبَةٌ. انْتَهَى. وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، فَعُرِّبَتْ لَهُ كُتُبُ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ، وَقِيلَ: الَّذِي عُرِّبَتْ لَهُ كُتُبُ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ الْمَنْصُورُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّمَا وَلَعُهُ فِي صَنْعَةِ الْكِيمْيَاءِ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ رَسَائِلُ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الصِّنَاعَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الرُّهْبَانِ يُقَالُ لَهُ مِرْيَاسُ الرُّومِيُّ. وَأَمَّا الْمَنْصُورُ فَأَوَّلُ خَلِيفَةٍ تُرْجِمَتْ لَهُ الْكُتُبُ السُّرْيَانِيَّةُ وَالْأَعْجَمِيَّةُ بِالْعَرَبِيَّةِ، مِثْلَ: كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ وَأَقْلِيدِسَ، كَمَا فِي تَارِيخِ الْخُلَفَاءِ لِلْحَافِظِ جَلَالِ الدِّينِ السَّيُوطِيِّ، وَقَالَ: وَهُوَ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ قَرَّبَ الْمُنَجِّمِينَ، وَعَمِلَ بِأَحْكَامِ النُّجُومِ. وَأَمَّا الْمَأْمُونُ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَدْخَلَ عِلْمَ الْمَنْطِقِ وَسَائِرَ الْعُلُومِ الْيُونَانِيَّةِ فِي الْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَأَحْضَرَهَا مِنْ جَزِيرَةِ قُبْرُصَ، وَتُرْجِمَتْ لَهُ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ كَمَا فِي أَوَائِلِ السَّيُوطِيِّ. انْتَهَى. وَبِسَبَبِ ذَلِكَ حَدَثَتِ الْفِتَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْبَغْيُ عَلَى أَئِمَّةِ الدِّينِ، وَظَهَرَ اخْتِلَافُ الْآرَاءِ، وَالْمَيْلُ إِلَى الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ، وَكَثُرَتِ الْوَقَائِعُ وَالِاخْتِلَافَاتُ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْعُلَمَاءِ فِي الْمُهِمَّاتِ، فَاشْتَغَلُوا بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَتَمْهِيدِ الْقَوَاعِدِ وَالْأُصُولِ، وَتَرْتِيبِ الْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ، وَتَكْثِيرِ الْمَسَائِلِ بِأَدِلَّتِهَا، وَإِيرَادِ الشُّبَهِ بِأَجْوِبَتِهَا، وَتَعْيِينِ الْأَوْضَاعِ وَالِاصْطِلَاحَاتِ، وَتَبْيِينِ الْمَذَاهِبِ وَالِاخْتِلَافَاتِ، فَسَمَّوْا مَا يُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ عَنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ بِالْفِقْهِ، وَمَعْرِفَةَ أَحْوَالِ الْأَدِلَّةِ إِجْمَالًا فِي إِفَادَتِهَا الْأَحْكَامَ بِأُصُولِ الْفِقْهِ، وَمَعْرِفَةَ الْعَقَائِدِ عَنْ أَدِلَّتِهَا بِالْكَلَامِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْكَلِمِ، وَهُوَ الْجَرْحُ وَمُعْظَمُ خِلَافِيَّاتِهِ مَعَ الْفِرَقِ الْإِسْلَامِيَّةِ خُصُوصًا الْمُعْتَزِلَةَ ; لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ فِرْقَةٍ أَسَّسُوا قَوَاعِدَ الْخِلَافِ لِمَا وَرَدَ بِهِ ظَاهِرُ السُّنَّةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الصَّحَابَةِ

1 / 11