لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
محقق
ياسين محمد السواس
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٢٠ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
التصوف
﵉ شكرًا لله ﷿. فقال النبيُّ ﷺ: أنا (^١) أحقُّ بموسى وأحقُّ بصوم هذا اليوم، فأمَرَ أصحابَهُ بالصَّوم (^٢). وفي الصحيحين عن سَلَمة بن الأَكْوَعِ (^٣) ﵁: "أن النبيَّ ﷺ أَمَرَ رجلًا مِن أَسْلَمَ: أنْ أذِّنْ في النَّاسِ: مَنْ أَكَلَ فليَصُمْ بَقيَّةَ يومِهِ، ومَنْ لَمْ يَكنْ أكَلَ فلْيَصُمْ؛ فإنَّ اليومَ يومُ عاشوراءَ" (^٤).
وفيهما (^٥) أيضًا عن الرُّبَيِّعِ (^٦) بِنْتِ مُعَوِّذ، قالت: "أرسلَ رسولُ الله ﷺ غَداةَ عاشوراءَ إلى قُرَى الأَنْصَار التي حولَ المدينةِ: مَنْ كان أصبَحَ صائمًا فليُتِمَّ صَوْمَهُ، ومَنْ كانَ أصبَحَ مفطِرًا فليُتِمَّ بقيَّةَ يومِهِ. فكُنَّا بعدَ ذلك نصومُهُ، ونُصَوِّم صِبيانَنا الصغارَ منهم، ونَذْهَبُ إلي المسجد فنجعَلُ لهم اللُّعْبةَ مِنَ العِهْنِ (^٧)، فإذا بكى أحدُهُم على الطَّعامِ أَعْطَيْناهُ إيَّاها حتَّى يكونَ عند الإِفطار". وفي رواية (^٨): "فإذا سألونا (^٩) الطَّعامَ أعطيناهم اللعبةَ تُلْهِيهِم، حتى يُتِمُّوا صَوْمَهُم. وفي الباب أحاديثُ كثيرة جدًّا.
وخرَّجَ الطبرانيُّ بإسنادٍ فيه جَهَالة، أن النبيَّ ﷺ كان يدعو يومَ عاشوراءَ برُضَعَائِهِ ورُضَعَاءِ ابنتِهِ فاطمةَ فَيَتْفُلُ في أفواهِهِم، ويقولُ لأمَّهاتِهم: لا تُرْضِعوهُم إلى الليل، وكان ريقُهُ ﷺ يجزئهم. وقد اختلفَ العلماءُ ﵃، هل كان صومُ يومِ عاشوراءَ قبلَ فرضِ شهرِ رمضانَ واجبًا أم كان سنةً متأكدَةً (^١٠)؟ على قولين مشهورين؛ ومذهبُ أبي حنيفةَ أنَّه كان واجبًا حينئذ، وهو ظاهرُ كلام الإمام أحمد وأبي بكر
(^١) في آ: "أنا أحق بصوم هذا اليوم".
(^٢) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٣٥٩ - ٣٦٠.
(^٣) هو سلمة بن عمرو بن سنان الأكْوَع الأسلمي، صحابي، قيل: شهد مؤتة، وهو من أهل بيعة الرضوان. غزا مع النبي ﷺ سبع غزوات، وكان شجاعًا بطلًا راميًا عدَّاءً، وهو ممن غزا إفريقية في أيام عثمان، له ٧٧ حديثًا، توفي في المدينة سنة ٧٤ هـ، ﵁.
(^٤) رواه البخاري رقم (٢٠٠٧) في الصوم، باب صيام يوم عاشوراء، وباب إذا نوى بالنهار صومًا؛ وفي خبر الواحد، باب ما كان يبعث النبي ﷺ من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد. ورواه مسلم رقم (١١٣٥) في الصيام، باب مَن أكل في عاشوراء فليكفّ بقية يومه.
(^٥) صحيح البخاري رقم (١٩٦٠) في الصوم، باب صوم الصبيان؛ وصحيح مسلم رقم (١١٣٦) في الصيام، باب من أكل في عاشوراء فليكفّ بقية يومه.
(^٦) هي الرُّبَيع بنت معَوِّذ بن عفراء الأنصارية، من بني النجار. لها صحبة ورواية، وقد زارها النبي ﷺ صبيحة عرسها صلة لرحمها. وأبوها من كبار البدريين، قتل أبا جهل. عمِّرت دهرًا، وروت أحاديث. توفيت في خلافة عبد الملك سنة بضع وسبعين، ﵂.
(^٧) العهْن: الصوف.
(^٨) هي عند مسلم رقم (١١٣٦) في الصيام: باب صوم يوم عاشوراء.
(^٩) في آ: "سألوا".
(^١٠) في ع: "مؤكدة".
1 / 104