ولم يكن شيء قبلَه - وفي رواية "معه" - وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السماوات والأرض" (^١).
وفي "صحيح مسلم" عن عَبْد الله بن عَمْرو، عن النَّبيِّ ﷺ، قال: "إنَّ الله قَدَّرَ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّماواتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ على الْمَاءِ" (^٢).
وروى ابنُ جَرِيْرٍ، وغيرُه عن ابن عَبَّاسٍ: إنَّ الله ﷿ كانَ عَرْشُهُ على الماءِ ولم يخلُقْ شيئًا غيرَ ما خلَقَ قَبلَ الماءِ، فلمَّا أراد أن يخلُقَ الخَلْقَ أخرَجَ من الماءِ دُخانًا فارتفَعَ فوقَ الماء (^٣)، فسَمَا عليه فسُمِّيَ سماءً، ثمَّ أَيْبَسَ الماءَ فجعَلَه أرضًا واحدةً، ثم فتَقَها فجعلها سَبْعَ أرضِينَ، ثم اسْتَوَى إلى السَّماءِ وهي دُخان، وكان ذلك الدُّخانُ من نَفَسِ الماءِ حين تنفَّسَ، ثم جَعَلَها سماءً واحدةً، ثم فتَقَها فجعَلَها سَبْعَ سماواتٍ (^٤).
وعن وَهْبٍ (^٥): إنَّ العرشَ كان قبلَ أن تُخلَقَ السماواتُ والأرضُ على الماء، فلمَّا أرادَ اللهُ أنْ يخلُقَ السَّماواتِ والأرضَ قبضَ من صفاءِ (^٦) الماءِ قبضةً، ثم فتَحَ القبضَةَ فارتفعَتْ دُخانًا، ثم قَضَاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يومين، ثم أَخَذَ طِينةً من الماءِ فوضعها في مكانِ البيتِ، ثم دحا الأرض منها (^٧).
_________
(^١) رواه البخاري رقم (٣١٩١) في بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]، و(٧٤١٨) في التوحيد، باب وكان عرشه على الماء، وهو رب العرش العظيم. ورواه أيضًا أحمد في "المسند" ٤/ ٤٣١ - ٤٣٢.
(^٢) رواه مسلم رقم (٢٦٥٣) في القدر، باب حجاج آدم موسى ﵉، ولفظه عنده: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" قال: "وعرشه على الماء".
(^٣) في آ: "السماء".
(^٤) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ٣٩، وقد نقل عنه المؤلف بتصرف.
(^٥) هو وَهْب بن منبِّه الأَبْنَاوي اليَماني الذِّماري الصنعاني، أبو عبد الله، الإمام العلّامة الإِخباري القصصي، توفي سنة ١١٤ هـ. (سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٤٤).
(^٦) في ب، ط: "صفات" بالتاء المبسوطة، وفي "تاريخ الطبري": "صفاة" بالتاء المربوطة، وكلاهما محرّف، والصواب ما جاء في الأصل. قال ابن منظور: الصفو والصفاء ممدود: نقيض الكدر.
(^٧) تاريخ الطبري ١/ ٣٩ - ٤٠، وقد نقل عنه المؤلف بتصرف.
1 / 60