173

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

محقق

ياسين محمد السواس

الناشر

دار ابن كثير

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٢٠ هجري

مكان النشر

بيروت

تصانيف

التصوف
أبو بكرٍ ﵁ مالَهُ كلَّه نِثارًا لِهذا العَرُوسِ (^١)، فأخْرَجَ عُمَرُ النصفَ موافقةً له، فقامَ عثمانُ بوليمةِ العُرْسِ (^٢)، فجهز جَيْشَ العُسْرَةِ (^٣)، فعلِمَ عليُّ ﵁ أن الدُّنيا ضَرَّةُ هذه (^٤) العَرُوسِ، وأنَّهما لا يجتمعان، فَبَتَّ طَلاقَها ثلاثًا. فالحمدُ للهِ الذي خَصَّنا بهذِه الرَّحمَةِ، وأَسْبَغَ علينا هذهِ (^٥) النِّعْمَةَ، وأعطانا ببركَةِ نبيِّنا هذه الفضائلَ الجمَّةَ، فقال لنا: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ (^٦). مِن أينَ في الأُمَمِ مثلُ أبي بكرٍ الصِّدِّيق، أو عُمَرَ الذي ما سَلَكَ طريقًا إلَّا هَرَبَ الشَّيطانُ مِن ذلك الطريق، أو عثمانَ الصابر على مُرِّ الضيق (^٧)، أو عليٍّ بحرِ العلمِ العمِيق، أو حمزةَ والعبَّاس؟ أفيهم (^٨) مثلُ طلحةَ والزُّبَيْر القَرِينين (^٩)، أو مثلُ سعدٍ وسعيدٍ (^١٠)، هيهاتَ!! من أينَ (^١١)؟ أو مثلُ ابن عَوْفٍ وأبي عُبيدَة، ومَن مثلُ الاثنين، إِن شَبَّهْتُم (^١٢) بهم فقد أبعدتُم القِياسَ. من أين في زُهَّادِ الأُممِ مثلُ أُوَيْسٍ (^١٣)، أو في عُبَّادهم مثلُ عامر (^١٤) بن عبد قيس، أو في خائفِهم مثلُ عُمَرَ بن عَبْدِ العزيز؟! هيهات!! ليسَ ضوءُ الشَّمسِ كالمِقياس. أفي علمائهم مثلُ أبي حَنِيْفَةَ ومالك، والشَّافعي السديد (^١٥) المسالك، كيف تمدَحُه وهو أجلُّ مِن ذلك؟ ما أحسَن بنيانَهُ والأساسَ!! أفيهم (^١٦) أعلى من

(^١) في آ، ش: "العرس". (^٢) العُرْسُ: طعام الوليمة، وهو الذي يعمل عند العُرْسِ، يُسَمَّى عُرْسًا باسم سببه. والعروس: يستوي فيه المذكر والمؤنث. (^٣) جيش العُسْرة: هو جيش غزوة تبوك، سمي بها لأنه نَدَبَ الناس إلى الغزو في شدَّةِ القيظ، وكان وقت إيناع الثمرة وطيب الظلال، فعسُر ذلك عليهم وشقَّ. (اللسان). (^٤) في آ: "هذا". (^٥) في آ: "وأسبغ علينا من هذه النعمة". (^٦) سورة آل عمران، الآية ١١٠. (^٧) أراد محنته وقت أن قام نفر من النَّاس بمطالبته باعتزال الخلافة، وما نتج عن ذلك مفصل في كتب التاريخ والسير. (^٨) في آ، ش: "أيهم". (^٩) في ط: "القرنين" وهو تحريف، والقرين: صاحبك الذي يقارنك. (^١٠) أراد سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وهما من العشرة المبشرين بالجنة، ﵃. (^١١) قوله: "من أين" لم يرد في (ب، ط). (^١٢) في آ: "شبهتهم". (^١٣) هو أُوَيْسُ بن عامر بن جزء بن مالك القَرَني المُرادي اليمانيّ، أبو عمرو، سيد التابعين في زمانه، وأحد النساك العبَّاد المقدمين، أدرك حياة النَّبيِّ ﷺ ولم يره، فوفد على عمر بن الخطَّاب، ثم سكن الكوفة، وشهد وقعة صفين مع علي بن أبي طالب. ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها. (طبقات ابن سعد ١/ ١٦٦، سير أعلام النبلاء ٤/ ١٩ - ٣٣، وتهذيب ابن عسكر ٣/ ١٥٧ ومختصره ٥/ ٧٩). (^١٤) لفظة: "عامر" سقطت من (آ). (^١٥) في آ، ب، ش: "الشديد"، وأثبت ما جاء في ع، ط. (^١٦) في ب، ط: "أثمَّ"، وفي ش: "أيهم".

1 / 180