لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
محقق
ياسين محمد السواس
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٢٠ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
التصوف
أبو بكرٍ ﵁ مالَهُ كلَّه نِثارًا لِهذا العَرُوسِ (^١)، فأخْرَجَ عُمَرُ النصفَ موافقةً له، فقامَ عثمانُ بوليمةِ العُرْسِ (^٢)، فجهز جَيْشَ العُسْرَةِ (^٣)، فعلِمَ عليُّ ﵁ أن الدُّنيا ضَرَّةُ هذه (^٤) العَرُوسِ، وأنَّهما لا يجتمعان، فَبَتَّ طَلاقَها ثلاثًا. فالحمدُ للهِ الذي خَصَّنا بهذِه الرَّحمَةِ، وأَسْبَغَ علينا هذهِ (^٥) النِّعْمَةَ، وأعطانا ببركَةِ نبيِّنا هذه الفضائلَ الجمَّةَ، فقال لنا: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ (^٦).
مِن أينَ في الأُمَمِ مثلُ أبي بكرٍ الصِّدِّيق، أو عُمَرَ الذي ما سَلَكَ طريقًا إلَّا هَرَبَ الشَّيطانُ مِن ذلك الطريق، أو عثمانَ الصابر على مُرِّ الضيق (^٧)، أو عليٍّ بحرِ العلمِ العمِيق، أو حمزةَ والعبَّاس؟ أفيهم (^٨) مثلُ طلحةَ والزُّبَيْر القَرِينين (^٩)، أو مثلُ سعدٍ وسعيدٍ (^١٠)، هيهاتَ!! من أينَ (^١١)؟ أو مثلُ ابن عَوْفٍ وأبي عُبيدَة، ومَن مثلُ الاثنين، إِن شَبَّهْتُم (^١٢) بهم فقد أبعدتُم القِياسَ.
من أين في زُهَّادِ الأُممِ مثلُ أُوَيْسٍ (^١٣)، أو في عُبَّادهم مثلُ عامر (^١٤) بن عبد قيس، أو في خائفِهم مثلُ عُمَرَ بن عَبْدِ العزيز؟! هيهات!! ليسَ ضوءُ الشَّمسِ كالمِقياس. أفي علمائهم مثلُ أبي حَنِيْفَةَ ومالك، والشَّافعي السديد (^١٥) المسالك، كيف تمدَحُه وهو أجلُّ مِن ذلك؟ ما أحسَن بنيانَهُ والأساسَ!! أفيهم (^١٦) أعلى من
(^١) في آ، ش: "العرس".
(^٢) العُرْسُ: طعام الوليمة، وهو الذي يعمل عند العُرْسِ، يُسَمَّى عُرْسًا باسم سببه. والعروس: يستوي فيه المذكر والمؤنث.
(^٣) جيش العُسْرة: هو جيش غزوة تبوك، سمي بها لأنه نَدَبَ الناس إلى الغزو في شدَّةِ القيظ، وكان وقت إيناع الثمرة وطيب الظلال، فعسُر ذلك عليهم وشقَّ. (اللسان).
(^٤) في آ: "هذا".
(^٥) في آ: "وأسبغ علينا من هذه النعمة".
(^٦) سورة آل عمران، الآية ١١٠.
(^٧) أراد محنته وقت أن قام نفر من النَّاس بمطالبته باعتزال الخلافة، وما نتج عن ذلك مفصل في كتب التاريخ والسير.
(^٨) في آ، ش: "أيهم".
(^٩) في ط: "القرنين" وهو تحريف، والقرين: صاحبك الذي يقارنك.
(^١٠) أراد سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وهما من العشرة المبشرين بالجنة، ﵃.
(^١١) قوله: "من أين" لم يرد في (ب، ط).
(^١٢) في آ: "شبهتهم".
(^١٣) هو أُوَيْسُ بن عامر بن جزء بن مالك القَرَني المُرادي اليمانيّ، أبو عمرو، سيد التابعين في زمانه، وأحد النساك العبَّاد المقدمين، أدرك حياة النَّبيِّ ﷺ ولم يره، فوفد على عمر بن الخطَّاب، ثم سكن الكوفة، وشهد وقعة صفين مع علي بن أبي طالب. ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها. (طبقات ابن سعد ١/ ١٦٦، سير أعلام النبلاء ٤/ ١٩ - ٣٣، وتهذيب ابن عسكر ٣/ ١٥٧ ومختصره ٥/ ٧٩).
(^١٤) لفظة: "عامر" سقطت من (آ).
(^١٥) في آ، ب، ش: "الشديد"، وأثبت ما جاء في ع، ط.
(^١٦) في ب، ط: "أثمَّ"، وفي ش: "أيهم".
1 / 180