لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
محقق
ياسين محمد السواس
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٢٠ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
التصوف
إلى المماتِ، وتعوَّذُوا من الحَوْرِ بعدَ الكَوْرِ (^١). كان الإمامُ أحمدُ يدعو ويقولُ: اللهمَّ أعِزَّني بطاعتِكَ ولا تذلَّني بمعصيتِكَ.
وكان عامة دعاءِ ابراهيمَ بن أدهَم: اللهم انقلْنِي مِن ذُلِّ المعصيةِ إلى عزِّ الطاعةِ. وفي بعضِ الآثارِ الإلهيةِ: يقول الله ﵎: أنا العزيزُ، فَمَنْ أرادَ العِزَّ فليُطِع العَزِيزَ.
ألا إنَّما التَّقوَى هِيَ العِزُّ والكَرَمْ … وحبُّكَ للدُّنيا هُوَ الذُّلُّ والسَّقَمْ
وليسَ على عَبْدٍ تقيٍّ نَقِيصَةٌ … إذا حقَّقَ التَّقْوَى وإنْ حاكَ أو حَجَمْ
الحاج إذا كان حجُّه مَبرورًا غُفِرَ له ولمن استغفرَ له، وشُفِّعَ فيمن شُفِّعَ فيه. وقد رُوِيَ أن الله تعالى يقولُ لهم يومَ عرفَةَ: "أفيضُوا مغفورًا لكُم ولمن شَفَعْتُم فيه" (^٢). وروى الإِمامُ أحمدُ بإسناده عن أبي موسى الأشعري، قال: "إن الحاجَّ لَيشفَعُ في أربعمائة بيتٍ من قومِه، ويُبارَكُ في أربعينَ من أُمَّهاتِ البعيرِ الذي يحمِلُهُ، ويخرجُ من خطاياهُ كيومِ ولدتْهُ أمُّه، فإذا رَجَعَ من الحجِّ المبرورِ، رجَعَ وذنْبُهُ مغفورٌ، ودُعاؤه مستجابٌ" (^٣). فلذلك يُستَحَبُّ تلقيهِ والسلامُ عليه وطلبُ الاستغفارِ منه. وتلقِي الحاج مَسْنُونٌ.
وفي "صحيح مسلم" (^٤)، عن عبد الله بن جعفر، قال: كان النبي ﷺ إذا قدِمَ من سَفَرٍ تُلقِّيَ بصبيانِ أهلِ بيته" (^٥)، وإنه قدِمَ مِن سَفَرٍ فسُبِقَ بي إليه، فَحَمَلَني بين يدَيه، ثم جِيء بأحدِ ابنَيْ فاطِمة، فأرْدَفَهُ خَلْفَه، فأُدْخِلْنا المدينةَ، ثلاثةً على دابَّة. وقد ورد النهيُ عن ركوبِ ثلاثةٍ على دابةٍ في حديثٍ مرسل، فإنْ صَحَّ حُمِلَ على رُكوبِ
(^١) في الحديث: "نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر"، أي الرجوع بعد الاستقامة. (^٢) قطعة من حديث طويل رواه عبد الله بن عمر ﵄، وقد ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" ٢/ ١٧٢، ١٨٧. (^٣) ذكره الهيثمي مختصرا في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢١١، قال: وعن أبي موسى رفعه إلى رسول الله ﷺ، قال: "الحاج يشفع في أربعمائة من أهل بيت، أو قال: من أهل بيته، ويخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". وقال: رواه البزار، وفيه من لم يسم. وأخرجه أيضًا المنذري في "الترغيب والترهيب" ٢/ ١٦٦. (^٤) صحيح مسلم رقم (٢٤٢٨) (٦٦) في فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن جعفر ﵄. (^٥) في ط وهامش ب "أهل المدينة"، والمثبت يوافق ما جاء في مسلم.
1 / 129