معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه
الناشر
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الثامنة والعشرون-١٤١٧هـ
سنة النشر
١٤١٨هـ
تصانيف
الْمُسلمين ارتباطًا واعيًا منظمًا قَوِيا مَبْنِيا على عاطفة صَادِقَة، وثقة بِالنَّفسِ عَظِيمَة ١.
خَامِسًا: الْآدَاب الاجتماعية:
يستطرد لُقْمَان فِي وَصيته الَّتِي يحكيها الْقُرْآن هُنَا إِلَى آدَاب الداعية إِلَى الله، فالدعوة إِلَى الْخَيْر لَا تجيز التعالي على النَّاس والتطاول عَلَيْهِم باسم قيادتهم إِلى الْخَيْر، وَمن بَاب أولى يكون التعالي والتطاول بِغَيْر دَعْوَة إِلَى الْخَيْر أقبح وأرذل٢.
وَلِهَذَا لما أَمر لُقْمَان ابْنه بِأَن يكون كَامِلا فِي نَفسه، مكملا لغيره، كَانَ يخْشَى بعْدهَا من أَمريْن، أَحدهمَا: التكبر على الْغَيْر بِسَبَب كَونه مكملا بِهِ. وَالثَّانِي: التَّبَخْتُر فِي النَّفس بِسَبَب كَونه كَامِلا فِي نَفسه٣.
يَقُول تَعَالَى حِكَايَة عَن لُقْمَان وَهُوَ يعظ ابْنه: ﴿وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ ٤.
﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ ٥.
فَمن الْآيَتَيْنِ الكريمتين السابقتين يَتَّضِح أَن الْآدَاب المتضمنة فِي تِلْكَ الموعظة هِيَ كالتالي:
_________
١ -) ﴿وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاس﴾ ينْهَى لُقْمَان ابْنه عَن الْكبر، وَالْمعْنَى أَن لَا تعرض بِوَجْهِك عَن النَّاس إِذا كلمتهم، أَو كلموك احتقارًا مِنْك لَهُم واستكبارًا
١ - عبد الرَّحْمَن النحلاوي: الْمرجع السَّابِق ص ٥٥ - ٥٧.
٢ - سيد قطب: فِي ظلال الْقُرْآن ٥/٢٧٩٠.
٣ - الْفَخر الرَّازِيّ: التَّفْسِير الْكَبِير ٢٥/١٤٩.
٤ - سُورَة لُقْمَان: آيَة (١٨) .
٥ - سُورَة لُقْمَان: آيَة (١٩) .
1 / 459