210

اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح

محقق

لجنة مختصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب

الناشر

دار النوادر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

سوريا

تصانيف

واعلم أنَّ في هذه المُبايَعة ذِكْر العَقائد، فإنَّ التوحيد أساسُها، والأَعمال ترْك المَعاصي، فتَشمَل مُخالفة الأوامر كما تشمل فِعْلَ المناهي، أو أنَّ ذلك في بَدْء الشَّرع، ولم تكُن جاءت الأَوامر.
قلتُ: ولا يخفى فَساد هذا، أو يُقال: بدأَ بالمنهيَّات لأنَّ التخلِّي عن الرَّذائل مقدَّمٌ على التحلِّي بالفَضائل، وإنما لم يَستوعِب المنهيَّات كأَكْل مال اليَتيم ونحوه؛ لأنَّ ذلك لم يحرم حينئذٍ، أو ذكر البعضَ ليُقاس الباقي، أو للاهتمام بالمذكور.
قلتُ: هذا أصلَح من الجوابَين.
(وَفَى) بالتخفيف وبالتشديد؛ أي: ثبَتَ على ما بايَع عليه.
(فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) لا يُؤخَذ من لفْظ (الأَجْر)، ولفْظ (على) استِحقاقُ العبْد على عمَله أَجرًا، ولا أنَّه يجب له على الله شيءٌ -كما يقُول المعتزلة- بل الأَجْر من فضْل الله تعالى عليه، فسُمِّي أَجرًا باعتِبار المُماثلة صُورةً، فقد قامت الأَدلةُ عقْلًا ونقْلًا أنَّ العبد لا يجب له على الله شيءٌ، بل وآخِر هذا الحديث يدلُّ عليه، وهو قوله ﷺ: (فهُوَ إِلى اللهِ)، فإنَّه يدلُّ على أنَّه لا يجب عليه عِقاب العاصِي، ولا يجب عليه ثَواب المُطيع؛ إذْ لا قائلَ بالفَرْق.
(مِنْ ذَلِكَ)، (مِن) فيه للتبعيض.
(شَيْئًا) نكرةٌ في سِياق الشَّرط، فتعمُّ.
وفي الحديث إشارةٌ إلى أنَّ الأجر إنما يُنال بالوَفاء بالجميع،

1 / 160