في أن الاهتمام يجعل الإنفاق على استعمالات هذه الكسوة أصل من أصول الشريعة: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}، والمراد بالطيب هنا الحلال ليس إلا لمفهوم قوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}، وفي قوله تعالى: {ومما أخرجنا لكم من الأرض} أي من نباتها وقيل: من معادنها، وركازها، فإذا تفرد ذلك فقد وافق القصد الجميل المأمور به ما في الآية الكريمة؛ لأن هذا الإرصاد والإيقاف جمع بين الأمرين من كونه من الجنس الحلال وهو أراضي الفيء، وأن المأخوذ منه مما يكتسب من الزراعة، وللناس خلاف في التفضيل بين التجارة والزراعة وكلاهما كسب حلال، وهذا في الحقيقة زراعة دنيوية وتجارة أخروية، قال الله تعالى مفسرا لعبادة المتقين: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}، وقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} وتحققنا أنهم مأمورون بأكل الحلال إذ هم معصومون عما سواه، وفي الصحيح عن أبي هريرة [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام أنى يستجاب له)).
صفحة ١٤٤