لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
تصانيف
قالوا: وهذا الوعيد في هذه الآية مختصا بأهل القبلة فإنه سبحانه قال: {ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم.وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون} (الأنعام:128،129).
وأولياء الجن من الإنس يدخل فيها الكفار قطعا فإنهم أحق بموالاتهم من عصاة المسلمين، كما قال تعالى: {إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون}.
وقال تعالى: {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} (النحل:99،100).
وقال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون، وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} (الأعراف:201).
وقال تعالى: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو} (الكهف:50).
وقال تعالى: {فقاتلوا أولياء الشيطان}.
وقال تعالى: {أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} (المجادلة:19).
وقال تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} والاستثناء وقع في الآية التي أخبرت عن دخول أولياء الشياطين النار.
فمن ههنا قال ابن عباس: لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله قالوا: وقول من قال إن (ألا) بمعنى سوى أي ما شاء الله أن يزدهم من أنواع العذاب وزمنه لا تخفى منافرته للمستثنى والمستثنى منه، وإن الذي يفهمه المخاطب مخالفة ما بعد (إلا) لما قبلها.
قالوا: وقول من قال إنه لاخراج ما قبل دخولهم إليها من الزمان كزمان البرزخ والموقف ومدة الدنيا أيضا، لا يساعد على وجه الكلام، فإنه استثناء من جملة خبرية مضمونها أنهم إذا دخلوا النار لبثوا فيها مدة دوام السماوات والأرض إلا ما شاء الله.
صفحة ١١٠