تعالى، فيترتب عليه ما هو أثره، من رفع الحدث في الرافع منه، والاستباحة في غيره، ولا قصد التوصل به إلى المشروط به، لأنه بنفسه راجح وعبادة، فإنه نور، والمجدد نور على نور، كما في الأخبار (1). وليست عباديته لأجل كونه مقدمة للعبادة، كي لا يقع قربيا وعبادة إلا إذا أتى بها بذلك القصد. نعم ربما لم ينهض دليل على أنه لا يكون كذلك، إلا إذا أتى به في وقت العبادة المشروطة به، كالتيمم.
وبالجملة قصد التوصل بمقدمة الواجب أو المستحب وإن كان موجبا لعباديتها ووقوعها قربيا، إلا أنه لا يمكن أن يكون معتبرا في مقدميته وصحته، كما لا يخفى.
اللهم إلا أن يكون الغرض من ذي المقدمة لا يحصل إلا بإتيانها قربيا بقصد التوسل بها إليه.
لكنه لا يخفى أن اعتبار قصد القربة في الطهارات إنما هو لاعتباره في صحتها قطعا، بحيث لا يكون بدون ذلك مقدمة إجماعا، فتأمل جيدا.
ثم إنه لا يعتبر في صحته ولا في صحة غيره من العبادات قصد الوجه من الوجوب أو الندب، توصيفا ولا غاية، إذ لا وجه لاعتباره لا عقلا ولا شرعا، لاستقلال العقل بكفاية قصد القربة المطلقة في صيرورته عبادة، وليس في الأخبار منه عين ولا أثر، مع أن مثله لو كان لا محالة لبان، لكثرة الابتلاء بالعبادات وشدة الاهتمام بها، كما لا يخفى. نعم ربما لا بد من قصده في ما إذا لم يكن للمأمور به ما يشير إليه المكلف ويميزه عما عداه سواه.
(و) ثانيها: (غسل الوجه) إجماعا كتابا (2) وسنة (3).
صفحة ٥٦