انطلقنا إلى المطبخ، وألقيت نظرة في الطريق على مرآة صغيرة معلقة فوق حائط الممر، فألفيت عيني في لون الدم.
سألته عندما بلغنا المطبخ: «هل تمانع في أن نشربها تركية هذه المرة؟»
لم يعن بالرد وانشغل بتأمل محتويات «مكتبة الممر»، كما أسميها، فاعتبرت موقفه بمثابة القبول.
أخذت «كنكة» متوسطة الحجم من أحد الرفوف وعدت أسأله: «كيف تفضلها؟»
أجاب: «قليلة السكر.»
وتناول أقرب الكتب إليه، فأخذ يقلب صفحاته دون أن يغفل عني.
لم أجد ملعقة صغيرة فوق رخامة الحوض، فجذبت درج أدوات المطبخ، وعندئذ وقعت عيناي على سكين اللحم الكبيرة، ذات الشفرة اللامعة والرأس المدببة.
قفز قلبي بين ضلوعي، فتمالكت نفسي، وتناولت الملعقة التي أريدها، ثم أعدت الدرج إلى مكانه.
وضعت السكر والبن في الكنكة، ثم ملأتها بالماء، وقلبت الخليط جيدا، ووضعتها فوق عين الموقد الصغيرة بعد أن أشعلتها.
غسلت الملعقة وجففتها بتأن، ثم فتحت الدرج، وألقيت بالملعقة إلى جوار السكين، متأملا حافتها الماضية. وأعدت الدرج إلى مكانه ببطء دون أن أرفع عيني عن السكين، وحرصت ألا أغلقه تماما.
صفحة غير معروفة