وإذا ثبت هذا في البعض ثبت في بقية الباب.
بقي هنا أن المفهوم مما تقدم أن هذه اللغة قياسية عند طيئ في الأفعال والأسماء على السواء، ولكن صاحب «اللسان» حكى عن ابن سيده في مادة «ن ص و» أن الناصاة لغة طائية في الناصية، وليس لها نظير إلا بادية وباداة، وقارية وقاراة، وهي الحاضرة، وهو صريح في أنها سماعية في هذه الثلاثة فقط؛ وفيه نظر لأننا رأيناهم ذكروا «الباناة» في البانية، وهي القوس التي لصق وترها بكبدها، ونصوا على أنها طائية، و«الحاناة» في الحانية بمعنى: الدكان، وقال صاحب «اللسان»: إنها كناصية وناصاة، أي: طائية، و«الناحاة» في الناحية. وربما أدى التتبع إلى العثور على غيرها وهو يرجح ما ذهب إليه الصرفيون من قياسها في الأسماء أيضا، والله أعلم.
وفي مادة «ب ق ى» من «اللسان»: «وبقى بقيا، لغة بلحرث بن كعب.» ثم قال في موضع آخر من هذه المادة: «ولغة طيئ: بقى يبقى، وكذلك لغتهم في كل ياء انكسر ما قبلها يجعلونها ألفا، نحو بقى ورضا وفنى.» ا.ه.
وقد أوضح ذلك الشريف الغرناطي في شرحه على «مقصورة حازم» بأن قال: إنها على لغة بلحرث بن كعب أصلا، وعلى لغة طيئ فرع من «فعل»؛ وذلك أنه مطرد في لغتهم تحويل كل ما كان على «فعل أو فعل» من المعتل اللازم إلى «فعل». ا.ه.
وفي «حاشية ابن جماعة» على «شرح الشافية» «للجار بردى» عند الكلام على قوله: «وأما قلى يقلى فلغة بني عامر» ما نصه: «عزا ذلك ابن مالك لطيئ في صورة دعوى أعم، فقال: وطيئ تبدل الكسرة فتحة والياء ألفا نحو: يقلى» قيل: ولم يذكر غيره ذلك عن طيئ، ولم يرو عنهم في يمشي ويرمي ونحوهما يمشى ويرمى. ا.ه.
قلت: الظاهر أن ابن مالك لم يرد إلا ما تقرر في القاعدة السابقة، ولكنه تساهل في عبارته فأوهمت هذا الإيهام، وإنما الذي توسع في هذه اللغة وذكر ما لم يذكروه هو أبو عبد الله التميمي في كتاب «ما يجوز للشاعر في الضرورة» حيث قال: «ومما يجوز له إبدال الياء ألفا في سائر الكلام، فيقول في «أعطيت»: أعطات، وفي «دهي»: دهى؛ وهي لغة لطيئ، فإذا اضطر الشاعر أجرى كلامه عليها. وقد زعم قوم أنه يجوز في الكلام إذا كان من لغات العرب، ومما جاء منه قول الشاعر:
ألا أذنت أهل اليمامة طيئ
بحرب كناصاة الأغر المشهر
3
فقال: كناصاة وهو يريد: كناصية، فأبدل الياء ألفا. ومثله:
صفحة غير معروفة