45

يفوز الخصم بي في كل آن

وكنت بأن أفوز به حريا

فما في صدره ما عند صدري

ولا في كفه ما في يديا

ولكن غادة أخذت فؤادي

لينصرني فرديه إليا

وعلى أثر هذا النشيد تصادم البطلان، والتقى الخصمان، فكانت الدائرة أول الملتقى على حساميهما؛ إذ تحطما من شدة الصدام.

ثم طارا عن أيديهما إلى فضاء بعيد، وكان سكر القتال قد أعماهما وأصمهما فلم يشعرا بما أصاب السيوف، ولا طلبا سواها لاستئناف الضراب بل اكتفيا بالسواعد، وما هي إلا هنيهة حتى تماسا فتمازجا فاتحدا، وكان حماس في هذه الأثناء قد شبك يديه من خلف ظهر الأمير، فلم يدر الناس إلا بهما كليهما قد سقطا متحدين كما كانا في حال القتال.

وعندئذ أقبل الملأ عليهما يحركونهما وهم لا يشكون أنهما فارقا الحياة، أو أن أحدهما بالأقل قد مات، وفي الواقع ما لبث حماس أن خلص جسمه من ذراعي الأمير، وكان كأنه منهما بين ناب الليث والظفر من قوتهما قبل الموت وجمدوها بعده، فنهض الفتى قائما بين تهليل الشعب وهتافه، فكان أول ما أتى على إثر هذه الإفاقة أنه جثا عن رأس القتيل ثم قبله من فوق جبينه البارد، وهو يبله بعبراته ويقول: «إلى الحياة الأبدية أيها البطل العظيم، فوا حرمة الآلهة ما وجدت في البشر نظيرك، ولا عهدت في السباع مثيلك.»

العقد

صفحة غير معروفة