42

قال أورستان: إني أكاد أجن دهشا يا مولاي، وأتمنى على الآلهة أن يكون هذا الحديث صدقا.

وفي هذه الأثناء أقبل رجل من أقصى الهيكل يخترق الجمع حتى إذا اقترب من الملك وأورستان، دخل في حديثهما مندفعا فقال: وأنا يا مولاي عبدك الساموسي مندراس، أزكي شهادة كلكاس.

قال الملك: ومن أنت أيضا؟

قال مندراس: أحد أصحاب بيروس يا مولاي والوحيد الباقي منهم، اضطررت أنا وصاحبان لي من العصابة إلى النجاة يوم الموقعة على زورق مثقوب لبعض الصيادين، فنزل رفيقاي في الطريق مفضلين المسير برا إلى بلادهما، وبقيت أنا وحدي في الزورق إلى أن أسرني بحارة الملك، فزججت في السجن، فلبثت فيه أياما ثم أخذت بنصيب من عفو الملك بالأمس عن المسجونين.

قال الملك: وهل تعرف هذا الأمير؟

وأشار إلى بهرام، فدنا الرجل من الأمير وحققه، ثم عاد، فقال: هذا أول عهدي برؤيته يا مولاي.

قال الملك: ولكنه يزعم أنه منقذ الأميرة.

قال الرجل: أسأل الآلهة ألا يسلطوا عليه منقذها الحقيقي فوا رأسك لو شهد هذا الناعم أهوال ذلك اليوم، لشاب قبل أوان المشيب.

وبينما الرجل في الكلام سمعت ضجة عظيمة خارج الهيكل كادت تقلقل دعائمه، ثم تلا هذه الضجة زحام شديد على أبواب الهيكل، فأرسل الملك من يأتيه بخبر ذلك، فاندفع الرسول يشق عباب ذلك الجمع الحاشد، ولكنه ما بلغ الباب خارجا حتى لقيه عليه داخلا رجل غائب الرأس في أكاليل الغار، كأنه القمر المنير بشرا وجمالا، أو الأسد الفتي مهابة وجلالا، فتنحى الرسول حتى تجرد حماس عن سلاحه وكان الناس قد انشقوا نصفين وانقسموا صفين، فتمهد الممر للبطل المصري فقصد نحو بهرام لا يلوي على أحد سواه، حتى إذا صار منه وجها لوجه صاح يقول له: هل تم العقد بعد أيها السوقة النذل؟

قال كلكاس: لقد قلتها له قبلك فلم يصدقني يا سيدي حماس، ولكن ليطمئن قلبك فقد حلت دون تمامه، ولولا ذلك لجئت في الزمن الأخير.

صفحة غير معروفة