اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة
محقق
أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
بيروت
فَتَقْشَعِرُّ الأَرْضُ مِنْهَا وَتَلْفِظُ مَا فِيهَا وَيَسْعَى كُلُّ عُضْوٍ إِلَى عُضْوِهِ، ثُمَّ يُمْطِرُ اللهُ عَلَيْهِم مِنْ نَهْرٍ يُقَالَ لَهُ الْحَيَوَانُ وَهُوَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُمْطِرُ عَلَيْهِمْ شَبِيهًا بِمَنِيِّ الرِّجَالِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَتَّى تَنْبُتَ اللُّحُومُ عَلَى أَجْسَامِهَا كَمَا تَنْبُتُ الطَّرَاثِيثُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ثُمَّ يُؤْذِنُ لَهُ فِي النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ فَيَنْفُخُ فِي الصُّورِ فَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ فَتَدْخُلُ كُلُّ رُوحٍ فِي الْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ.
قَالَ حُذَيْفَة قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ تَعْرِفُ الرُّوحُ الْجَسَدَ؟ قَالَ نَعَمْ يَا حُذَيْفَةُ إِنَّ الرُّوحَ لأَعْرَفُ بالْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ مِنْ أَحَدِكُمْ بِمَنْزِلِهِ، فَيَقُومُ النَّاسُ فِي ظُلْمَةٍ لَا يُبْصِرُ أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ فَيَمْكُثُونَ مِقْدَارَ ثَلاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَنْجَلِي عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ وَتَنْفَجِرُ الْبِحَارُ وَتُضْرَمُ نَارًا وَيُحْشَرُ كُلُّ شَيْءٍ فَوْجًا لَفِيفًا لَيْسَ يَخْتَلِطُ الْمُؤْمِنُ بِالْكَافِرِ وَلا الْكَافِرُ بِالْمُؤْمِنِ وَيَقُومُ صَاحِبُ الصُّورِ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلًا مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ طِحْلِبَةٌ وَقد دنت الشَّمْس فَوق رؤوسهم فَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمَا سَنَتَانِ وَقَدْ أُمِدَّتْ بِحَرِّ عَشْرِ سِنِينَ فَيُسْمَعُ لأَجْوَافِ الْمُشْرِكِينَ غِقْ غِقْ فَيَنْتَهُونَ إِلَى أَرْضٍ يُقَالَ لَهَا السَّاهِرَةُ وَهِيَ بِنَاحِيَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَسَعُ النَّاسَ وَتَحْمِلُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَيَقُومُ النَّاسُ عَلَيْهَا ثُمَّ جَثَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَلَكِنْ شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَلْتَفِتُ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَمِينًا وَلا شِمَالا وَلا خَلْفًا وَقَدِ اشْتَغَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا أَتَاهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷿ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمين﴾ فَيَقُومُونَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَنَةٍ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ تِلْكَ الْمِائَةَ سَنَةٍ كَقَوْمَةٍ فِي صَلاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا تَمَّ مِقْدَارُ مِائةُ سَنَةٍ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا وَهَبَطَ سُكَّانُهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ فَيُحِيطُونَ بِالْخَلْقِ ثُمَّ تَنْشَقُّ السَّمَاءُ الثَّانِيَةَ وَيَهْبِطُ سُكَّانُهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ هَبَطَ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلا تَزَالُ تَنْشَقُّ سَمَاءً سَمَاءً وَيَهْبِطُ سُكَّانُهَا أَكْثَرُ مِمَّنْ هَبَطَ من سِتّ سموات وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَجِيءُ الرَّبُّ ﵎ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ فَأَوَّلُ شَيْءٍ يُكَلِّمُ الْبَهَائِمَ فَيَقُولُ يَا بَهَائِمِي إِنَّمَا خَلَقْتُكُمْ لِوَلَدِ آدَمَ فَكَيْفَ كَانَتْ طَاعَتُكُمْ لَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَتَقُولُ الْبَهَائِمُ رَبَّنَا خَلَقْتَنَا لَهُمْ فَكَلَّفُونَا مَا لَمْ نُطِقْ وَصَبَرْنَا طَلَبًا لِمَرْضَاتِكَ فَيَقُولُ اللَّهُ ﷿ صَدَقْتُمْ يَا بَهَائِمِي إِنَّكُمْ طَلَبْتُمْ رِضَايَ فَأَنَا عَنْكُمْ رَاضٍ وَمِنْ رِضَايَ عَنْكُمُ الْيَوْمَ أَنِّي لَا أُرِيكُمْ أَهْوَالَ جَهَنَّمَ فَكُونُوا تُرَابًا وَمَدَرًا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابا.
ثُمَّ تَذْهَبُ الأَرْضُ السُّفْلَى والثَّانِيَةُ والثالِثَةُ والَّرابِعَةُ والْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأرْضُ فَتَكْفأُ بِأَهْلِهَا كَمَا تَكْفَأُ السَّفِينَةُ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ إِذَا خَفَقَتْهَا الرِّيَاحُ فَيَقُولُ الْآَدَميُّونَ أَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا نَزْرَعُ عَلَيْهَا وَنَمْشِي عَلَى ظَهْرِهَا وَنَبْنِي عَلَيْهَا الْبُنْيَانَ فَمَا لَهَا الْيَوْم لَا تقر فَتُجَاوِبُهُمْ فَتَقُولُ يَا أَهْلاهُ أَنَا الأَرْضُ الَّتِي مَهَّدَنِي الرَّبُّ لَكُمْ كَانَ لِي مِيقَاتٌ مَعْلُومٌ فَأَنَا شَاهِدَةٌ عَلَيْكُمْ بِمَا عَمِلْتُمْ عَلَى ظَهْرِي ثُمَّ عَلَيْكُمُ السَّلامُ فَلا تَرَوْنِي أَبَدًا وَلا أَرَاكُمْ فَتَشْهَدُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الأَرْضُ وَتَأْتِي أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا الْمَعَاصِي وَلَمْ يُسْفَكْ عَلَيْهَا الدِّمَاءُ فَعَلَيْهَا يُحَاسَبُ الْخَلْقُ ثُمَّ يُجَاءُ بِالنَّارِ مَزْمُومَةً بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ يَأْخُذُ بِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَوْ أَنَّ مَلَكًا مِنْهُمْ أُذِنَ لَهُ لالْتَقَمَ أَهْلَ
1 / 54