لكنك لا تريد أن تقتل الجميع،
تريد أن تقتل شخصا واحدا كتم صوتك،
ومات قبل أن تصل إليه.
كل ما كتبته أعلاه يسجله النظام الجديد،
لكنهم لن يقبضوا عليك.
لا شك أنهم يقهقهون الآن وأنت تذرع الغرفة جيئة وذهابا،
وتأكل نفسك؛ لأنك لن تتمكن من القتل. «لم يعد الانتحار بالمنومات شائعا إلا لأولئك الذي يريدون أن يتم إنقاذهم.»
شاهد على ضريح
تتنازعني رغبتان: الرغبة في حرق جسدي بعد الموت، والرغبة في شاهد رخامي على قبري . لكن القبر يحتاج إلى جثة، والجثة ستكون قد أكلتها النيران وطيرتها الرياح. تعارض الرغبتين ليس العقبة الوحيدة. السفر إلى بلد يحرقون فيه الموتى صعب جدا، لكن إلى يوم يأتي الموت ربما أكون قد وجدت حلا وتمكنت من الهجرة ولو قبل يوم من موتي. خلو القبر من جثتي لن يشكل عقبة مهمة، فالكثير من الموتى يعيشون خارج قبورهم، مع ذلك لديهم شواهد رخامية محفور عليها عبارة بليغة مقتبسة من رواية أو قصيدة أو كتاب مقدس، متبوعة بتاريخ ميلاد ووفاة. بعضهم لديهم تاريخ واحد فقط: 21 أكتوبر 2016م. هذا يجعلك تتساءل: لماذا لم يكتبوا تاريخ الوفاة؟! لكن مشاهدتك لبرامج الحياة البرية على التليفزيون تجعلك تدرك السبب وأنت تستعيد صورة صوص يخرج من بيضة إلى فم ثعبان دون أن يتمكن من استنشاق الهواء وتجريب جناحيه. العقبة الأهم هي في الشاهد الرخامي، ماذا ستكتب عليه؟!
أرغب بشاهد قبر دون تاريخ ميلاد أو وفاة، محفور عليه عبارة خالدة. قد تقولون بإمكاني أن أقتبس عبارة مثلما يفعل كثيرون، لكن تلك العبارات ملك لأصحابها، وبها يظلون على قيد الشفاه، كما أنني لا أستسيغ العبارات المقدسة، ثم إنها تذكر الناس بالموت، وأنا أبحث عن عبارة تذكرهم بالأبدية، عبارة بليغة لم يكتبها أحد قبلي، هذا ما أحتاجه. لم أكتشفها حتى الآن، كأني قرد على آلة كاتبة لم يفلح في كتابة جملة مترابطة على الرغم من استبدال الآلة بأحدث الكمبيوترات. يحتاج القرد أن يستنشق الهواء ويجتاز الغابة وتجريب الفصول الأربعة ملايين المرات قبل أن يكتب جملة واحدة عن ذاكرة الموز. «هل عرفتم الآن لماذا امتهنت الكتابة؟!»
صفحة غير معروفة