مقدمة في أهمية العلم وبيان طرقه الموصلة إليه
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد.
فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء الطيب المبارك، ونسأل الله ﷿ أن يجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتنا أجمعين.
لا زلنا نتحدث في القضية الماسة والهامة، وهي قضية العلم في تاريخ وواقع هذه الأمة: أمة الإسلام بين علوم الشرع وعلوم الحياة.
تحدثنا في المحاضرة السابقة عن أول طريق العلم، إذا أردت أن تكون عالمًا عليك أن تعرف قيمة الشيء الذي تجاهد من أجله، وعليك في ذات الوقت أن تعلم أنك لن تستريح حتى تُصبح عالمًا وإلى مماتك، وكما ذكرنا في المحاضرة السابقة قول يحيى بن أبي كثير ﵀: لا يستطاع العلم براحة الجسم.
هذا أحد الإخوان حضر المحاضرة السابقة وكأنه لم يركز تركيزًا جيدًا، فقابلني بعد المحاضرة وقال لي: لقد قلت لنا: إن هناك بعض الوسائل العملية لنصبح علماء، وللأسف انتهى وقت المحاضرة قبل أن تذكرها، ويبدو أنه كان يتوقع أن أشرح له كيف يجلس؟ وكيف يقرأ؟ وكيف يسمع؟ وهذا مطلوب، ولكن ما كنا نتحدث عنه هو الروح والنفسية التي يجب أن تكون عليها لتصبح عالمًا، وهذا أول شيء، ولو أشرح لك ألف خطة لتصبح عالمًا، وأضع لك ألف منهج لتصبح عالمًا وأنت لا تقدّر قيمة العلم فمن المستحيل أن تصبح عالمًا، أو تظن أن هذه وصفة سحرية: أنك إذا بذلت بعض المجهود أو قليلًا من المجهود أصبحت من علماء الأمة! لا، هذا وهم، لا يحدث في أمتنا ولا في الأمم الأخرى، وما تحدثنا عنه في المحاضرة السابقة نستكمله في هذه المحاضرة إن شاء الله، وهو عام على كل علماء الأرض من المسلمين ومن غير المسلمين، فأي إنسان يريد أن يكون عالمًا لا بد أن يقدّر قيمة الشيء الذي يفرّغ له وقته، ثم عليه أن يعلم أنه يبذل جهدًا كبيرًا مضنيًا حتى يصل إلى درجة العلماء، وعندنا في الإسلام ضوابط أخرى مختلفة، لكن هذا الذي نتحدث عنه هو ثابت على الناس أجمعين، قيمة العلم، والجهد الذي يُبذل.
قبل إكمال الحديث واستكمال المحاضرة السابقة نجيب على بعض الأسئلة الهامة التي تلقيتها، سواء عن طريق (الإيميل) أو الأوراق التي أرسلتموها، وسأجيب على الأسئلة التي لها علاقة بموضوعنا، وهناك أسئلة ليس لها علاقة بهذا الموضوع الذي نتكلم فيه مع أنها أسئلة هامة.
6 / 2