تحرير الإسلام للعقول واهتمامه بالحجة والبرهان والدليل
الدليل التاسع: أن الإسلام دين يحرر العقل، ويهتم جدًا بالحجة والبرهان والدليل، فهو يأمر المسلمين بالتدبر والتفكر في كل شيء، حتى إنه يناقش أمورًا في غاية الحرج، يناقش أمور العقيدة، والعقيدة: أن تؤمن بالله ﷿ عن طريق الحجة والبرهان والدليل، لا يقول لك: هو كذا وانتهى، لا، ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس:٧٨ - ٧٩]، هذا دليل عقلي على أن القادر على الإنشاء من لا شيء -من العدم- أقدر على الإعادة من شيء، هذا بالحجة العقلية: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا﴾ [يس:٧٩ - ٨٠] قد يقول قائل: كيف يجعل من الشجر الأخضر الذي بداخله ماء نارًا؟ نقول له: أليس الميت يخرج منه الحي؟! وقال في الأخير: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ [يس:٨١] فهذه حجج عقلية تأتي واحدة بعد الأخرى في قضية واحدة، وهناك آيات أخرى كثيرة في نفس السياق يقيم ﷾ الحجة على الخلق أنه هو الخالق، وأنه هو الذي يجب أن يعبد، مع ما جاء عن طريق حبيبه ﷺ.
فالإسلام دين يحرر العقل بالفكر والتدبر، وانظر إلى الكون من حولك، وأخرج الثورات التي في باطنه، وأبدع في هذا الخلق، فهذا أمر من رب العالمين ﷾، فهو أمر بالسير في ملكوته ﷿، والأمر بالسير في الأرض والتفكر والتدبر كثير جدًا في كتاب ربنا.
4 / 12