مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَعْضِ الْمَشَاقِّ، وَالْمَصْلَحَةِ فِي الْجِهَادِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَذْل الأَْمْوَال وَالأَْرْوَاحِ. وَمِثْل ذَلِكَ يُقَال فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ.
وَهُنَاكَ مَصَالِحُ أَلْغَاهَا الشَّارِعُ إِلْغَاءً تَامًّا؛ لأَِنَّ ضَرَرَهَا أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهَا، كَالْمَصْلَحَةِ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُل فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ (١) وَكَالْمَصْلَحَةِ فِي الرِّبَا، فَإِنَّ اللَّهَ ﷾ حَرَّمَهُ بِأَيِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ أَوْ شَكْلٍ مِنْ أَشْكَالِهِ: ﴿وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (٢) وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ (٣) .
وَهُنَاكَ مَصَالِحُ سَكَتَ عَنْهَا الشَّارِعُ فَلَمْ يَعْتَبِرْهَا وَلَمْ يُلْغِهَا بِخُصُوصِهَا، فَهَذِهِ الْمَصَالِحُ إِنَّمَا يُقَدِّرُهَا الْمُخْتَصُّونَ دُونَ غَيْرِهِمْ، مَعَ وُجُوبِ مُرَاعَاةِ حِمَايَتِهِمْ - قَدْرَ الإِْمْكَانِ - مِنْ ذَهَبِ الْمُعِزِّ وَسَيْفِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْبَتُّ فِي هَذَا الأَْمْرِ مِنْ شَأْنِ الْجَمَاعَةِ لاَ الأَْفْرَادِ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِثْل هَذِهِ الْمَصَالِحِ تَحْتَ التَّجْرِبَةِ، فَإِنَّ أَمْثَالَهَا تَخْتَلِفُ مِنْ عَصْرٍ إِلَى عَصْرٍ وَمِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ.
تَقْسِيمَاتُ الْفِقْهِ:
لِلْفِقْهِ تَقْسِيمَاتٌ شَتَّى لاِعْتِبَارَاتٍ شَتَّى، نَكْتَفِي مِنْهَا بِذِكْرِ التَّقْسِيمَاتِ الآْتِيَةِ:
أ - تَقْسِيمُ مَسَائِلِهِ بِاعْتِبَارِ أَدِلَّتِهِ:
٤٢ - وَهُوَ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا: فِقْهٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى أَدِلَّةٍ قَطْعِيَّةٍ فِي ثُبُوتِهَا وَدَلاَلَتِهَا، كَوُجُوبِ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ، وَكَحُرْمَةِ الزِّنَى وَالرِّبَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَإِبَاحَةِ
(١) سورة البقرة / ٢١٩ (٢) سورة البقرة / ٢٧٥ (٣) سورة البقرة / ٢٧٨، ٢٧٩
1 / 47