221

الموسوعة الفقهية الكويتية

رقم الإصدار

من ١٤٠٤

سنة النشر

١٤٢٧ هـ

تصانيف

الضَّمَانُ (١) . وَالْقَوْل بِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ يُفْهَمُ أَيْضًا مِمَّا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونَ الْمَالِكِيُّ عَنْ فَضْل بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ قَال فِي السُّلْطَانِ يَأْمُرُ رَجُلًا بِقَتْل رَجُلٍ ظُلْمًا: إِنَّ السُّلْطَانَ يُقْتَل، وَلاَ يُقْتَل الْمَأْمُورُ، إِذِ الإِْلْزَامُ بِتَضْمِينِ الْمَال دُونَ الْقَوَدِ. (٢)
٣٨ - وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا كَالدِّيَةِ، لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الإِْثْمِ. (٣) وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ فَرْحُونَ - أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ - بِالْفَتْحِ - اسْتِنَادًا إِلَى حَدِيثِ لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (٤) يَقُول ابْنُ فَرْحُونَ: إِنَّ مَنْ أَمَرَهُ الْوَالِي بِقَتْل رَجُلٍ ظُلْمًا، أَوْ قَطْعِهِ أَوْ جَلْدِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ أَوْ بَيْعِ مَتَاعِهِ، فَلاَ يَفْعَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إِنْ عَصَاهُ وَقَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ مَالِهِ فَإِنْ أَطَاعَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَالْقَطْعُ وَالْغُرْمُ، وَغَرِمَ ثَمَنَ مَا بَاعَ. (٥) وَتَفْصِيل الْكَلاَمِ فِيهِ مَوْطِنُهُ بَحْثُ (الإِْكْرَاه) .
أَثَرُ الإِْتْلاَفِ فِي تَحَقُّقِ الْقَبْضِ وَإِسْقَاطِ الأُْجْرَةِ:
٣٩ - مِنَ الْمُقَرَّرِ شَرْعًا أَنَّ الْمَبِيعَ قَبْل قَبْضِهِ يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَأَنَّ إِتْلاَفَ الْمُشْتَرِي لَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ يُعْتَبَرُ قَبْضًا فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ إِتْلاَفُهُ إِلاَّ

(١) القواعد لابن رجب ص ٢٠٤ القاعدة ٨٩، والشرواني على التحفة لابن حجر الهيتمي ٩ / ١٨٢ - ١٨٣
(٢) التبصرة ٢ / ١٧٣ بهامش فتح العلي المالك ط مصطفى الحلبي.
(٣) القواعد لابن رجب ص ٢٠٤ / ٨٩.
(٤) حديث: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " رواه أحمد، والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو الغفاري. قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. (فيض القدير ٦ / ٤٣٢) .
(٥) التبصرة بهامش فتح العلي المالك ٢ / ١٧٢ - ١٧٣.
بَعْدَ إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى الْقَبْضِ، فَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الإِْتْلاَفَ يُعْتَبَرُ قَبْضًا وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ، (١) فَقَدْ جَاءَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُقْنِعِ: مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبْضِ إِذَا تَلِفَ قَبْل قَبْضِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ بَطَل الْعَقْدُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَكَانَ كَالْقَبْضِ؛ لأَِنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ (٢)
٤٠ - وَمِنْ صُوَرِ الإِْتْلاَفِ فِي الْهِبَةِ مَا نَصُّوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْقَبْضَ يَتِمُّ فِي الْهِبَةِ وَلَوْ بِإِتْلاَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ.
٤١ - وَمِنْ صُوَرِهِ فِي الْمَهْرِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ إِنْ أَتْلَفَتْ صَدَاقَهَا إِتْلاَفًا يَقْتَضِي الضَّمَانَ - وَهُوَ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلِيِّ - اعْتُبِرَتْ قَابِضَةً لِحَقِّهَا. أَمَّا إِتْلاَفُ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ فَلاَ يُعْتَبَرُ قَبْضًا. وَكَذَلِكَ الإِْتْلاَفُ لِدَفْعِ الصِّيَال، فَلاَ يُعْتَبَرُ قَبْضًا. (٣)
٤٢ - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ فِي الإِْجَارَةِ: لَوْ خَاطَ الْخَيَّاطُ ثَوْبًا بِأَجْرٍ، فَفَتَقَهُ آخَرُ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الثَّوْبِ، فَلاَ أَجْرَ لِلْخَيَّاطِ؛ لأَِنَّ الْخِيَاطَةَ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ، فَلاَ أَجْرَ قَبْل التَّسْلِيمِ. وَبِالإِْتْلاَفِ تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ. وَلِلْخَيَّاطِ تَضْمِينُ الْفَاتِقِ مَا نَقَصَهُ الْفَتْقُ وَأَجْرُ مِثْل الْخِيَاطَةِ،

(١) البدائع ٥ / ٢٣٨، وتبيين الحقائق ٤ / ١٦، ٣٥، ٦٤ والشرح الصغير ٣ / ٢٠٣، والقليوبي ٢ / ٢١١، والشرح الكبير مع المغني ٤ / ١١٦، ط م المنار، وفتح القدير ٥ / ١٠٩ ط الأولى، والقليوبي على منهاج الطالبين ٢ / ١١٢، ٢١٢.
(٢) الشرح الكبير مع المغني ٤ / ١١٦.
(٣) القليوبي على منهاج الطالبين ٣ / ١١٢، ٢٧٦.

1 / 227