171

الموسوعة الفقهية الكويتية

رقم الإصدار

من ١٤٠٤

سنة النشر

١٤٢٧ هـ

تصانيف

إِنْ أَقَامَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ تَعَارَضَا، وَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إِنْكَارِ مَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ، وَيَكُونُ لِلْعَامِل أَجْرُ عَمَلِهِ. (١)
وَلاَ يَتَأَتَّى عَكْسُ هَذِهِ الصُّورَةِ، بِأَنْ يَدَّعِيَ الْعَامِل الإِْبْضَاعَ وَرَبُّ الْمَال الْقِرَاضَ، لاِسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً، إِلاَّ أَنْ يَقْصِدَ مِنَّتَهُ عَلَى رَبِّهِ.
١٥ - وَإِذَا ادَّعَى الْعَامِل الْقِرَاضَ، وَرَبُّ الْمَال الإِْبْضَاعَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ - وَهُوَ مَا سَمَّاهُ الْمَالِكِيَّةُ إِبْضَاعًا، وَجَعَلَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ قَبِيل الإِْجَارَةِ - فَالْقَوْل قَوْل الْعَامِل مَعَ يَمِينِهِ، وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ؛ لأَِنَّ الاِخْتِلاَفَ هُنَا فِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْمُضَارِبِ مِنَ الرِّبْحِ، وَالْمُصَدَّقُ عِنْدَ الاِخْتِلاَفِ فِي هَذَا الْجُزْءِ الْمُضَارِبُ.
وَلِهَذَا إِذَا كَانَتِ الأُْجْرَةُ مِثْل الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ فِي الْقِرَاضِ فَلاَ يَمِينَ؛ لأَِنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى، وَلاَ يَضُرُّ اخْتِلاَفُهُمَا فِي اللَّفْظِ.
وَلِضَبْطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ:
الأَْوَّل: أَنْ تَكُونَ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَل الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَل فِي قِرَاضٍ، وَأَنْ يَكُونَ مِثْل الْمَال يُدْفَعُ قِرَاضًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُدَّعَى اشْتِرَاطُهُ مِنْ رِبْحِ الْقِرَاضِ أَزْيَدَ مِنَ الأُْجْرَةِ الْمُدَّعَى الاِتِّفَاقُ عَلَيْهَا.
الرَّابِعُ: أَنْ يُشْبِهَ أَنْ يُقَارِضَ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ نِصْفِ

(١) مطالب أولي النهى ٣ / ٥٤١
الرِّبْحِ مَثَلًا، كَأَنْ تَقُومَ قَرَائِنُ عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ لاَ يَعْمَل إِلاَّ بِمِثْل هَذَا الْجُزْءِ مِنَ الرِّبْحِ.
الْخَامِسُ: أَلاَّ يُطَابِقَ الْعُرْفُ دَعْوَى رَبِّ الْمَال.
١٦ - وَإِذَا ادَّعَى الْعَامِل الإِْبْضَاعَ بِأَجْرٍ، وَرَبُّ الْمَال الْقِرَاضَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنَ الرِّبْحِ، فَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَال الْعَامِل: الْمَال بِيَدِي بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ، وَقَال رَبُّ الْمَال: هُوَ بِيَدِكَ قِرَاضٌ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ، فَإِنَّ الْقَوْل قَوْل الْعَامِل.
وَتَجْرِي هُنَا الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (١)
١٧ - وَإِذَا ادَّعَى الْعَامِل الْقِرَاضَ وَرَبُّ الْمَال الإِْبْضَاعَ، وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الرِّبْحَ لَهُ وَحْدَهُ، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إِنْكَارِ مَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْكِرٌ مَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ عَلَيْهِ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُنْكِرِ، وَلِلْعَامِل أَجْرُ عَمَلِهِ فَقَطْ، وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَال؛ لأَِنَّ نَمَاءَ مَالِهِ تَابِعٌ لَهُ. (٢)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمُقْتَضَى كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْقِرَاضِ - أَنَّ الْقَوْل قَوْل رَبِّ الْمَال بِيَمِينِهِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِل؛ لأَِنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّمْلِيكَ، وَالْمَالِكُ يُنْكِرُهُ (٣) . .

(١) الخرشي ٤ / ٤٤٠، والتاج والإكليل ٥ / ٣٧٠، والشرح الكبير ٣ / ٥٣٦
(٢) مطالب أولي النهى ٣ / ٥٤٢، والمغني والشرح الكبير ٥ / ١٩٦
(٣) رد المحتار ٤ / ٧٥٣، والهداية ٣ / ١٥٧

1 / 177