بِالرِّبْحِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَامِل أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل التَّبَرُّعِ. (١)
وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (مُضَارَبَة) .
مَنْ يَمْلِكُ إِبْضَاعَ الْمَال:
١٠ - الَّذِي يَمْلِكُ إِبْضَاعَ الْمَال:
أ - الْمَالِكُ: لِلْمَالِكِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَال لِلْعَامِل بِضَاعَةً، وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الأَْصْلِيَّةُ لِلإِْبْضَاعِ.
ب - الْمُضَارِبُ: لِلْمُضَارِبِ (الْعَامِل) أَنْ يَدْفَعَ الْمَال بِضَاعَةً لآِخَرَ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ الرِّبْحُ، وَالإِْبْضَاعُ طَرِيقٌ إِلَى ذَلِكَ، وَلأَِنَّهُ يَمْلِكُ الاِسْتِئْجَارَ، فَالإِْبْضَاعُ أَوْلَى؛ لأَِنَّ الاِسْتِئْجَارَ اسْتِعْمَالٌ فِي الْمَال بِعِوَضٍ، وَالإِْبْضَاعَ اسْتِعْمَالٌ فِيهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَكَانَ أَوْلَى.
وَالإِْبْضَاعُ يَمْلِكُهُ الْمُضَارِبُ لأَِنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ عِنْدَ الْبَعْضِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَجَوَازُهُ لِلْمُضَارِبِ أَوْلَى مِنْ جَوَازِ التَّوْكِيل بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالرَّهْنِ وَالاِرْتِهَانِ وَالإِْجَارَةِ وَالإِْيدَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (٢)
ج - الشَّرِيكُ: لِلشَّرِيكِ أَنْ يُبْضِعَ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَالشَّافِعِيَّةُ، بِشَرْطِ إِذْنِ الشَّرِيكِ.
(١) كنز الدقائق ٧ / ٢٨٧، ٢٨٨
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ٨٧، ومواهب الجليل ٥ / ٣٦٢ نشر مكتبة النجاح في ليبيا، والبحر الرائق ٧ / ٢٦٤، ٢٦٧، ٢٧٦، ورد المحتار ٤ / ٧٤٢، ٧٤٩
الاِعْتِبَارُ الشَّرْعِيُّ لِلْمُبْضَعِ وَتَصَرُّفَاتِهِ:
١١ - الْمُبْضَعُ أَمِينٌ فِيمَا يَقْبِضُهُ مِنْ رَبِّ الْمَال؛ لأَِنَّ عَقْدَ الإِْبْضَاعِ عَقْدُ أَمَانَةٍ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالإِْهْمَال أَوِ التَّعَدِّي. وَهُوَ وَكِيل رَبِّ الْمَال فِي مَالِهِ، يَنُوبُ عَنْهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ التِّجَارِيَّةِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ مِمَّا فِيهِ إِنْمَاءٌ لِلْمَال، عَلَى مَا جَرَى بِهِ عُرْفُ التُّجَّارِ، دُونَ حَاجَةٍ إِلَى إِذْنٍ خَاصٍّ. لَكِنْ لَوْ أَبْضَعَهُ لآِخَرَ لِيَعْمَل فِيهِ عَلَى سَبِيل الإِْبْضَاعِ، فَهَذَا الصَّنِيعُ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ رَبِّ الْمَال قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ.
وَكَذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى الإِْذْنِ مِنْ رَبِّ الْمَال مَا كَانَ خَارِجًا مِنَ الأَْعْمَال عَنْ عَادَةِ التُّجَّارِ، كَالإِْقْرَاضِ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ مِنْ رَأْسِ الْمَال الْمُخَصَّصِ لأَِغْرَاضِ الإِْنْمَاءِ وَالتِّجَارَةِ.
شِرَاءُ الْمُبْضَعِ الْمَال لِنَفْسِهِ:
١٢ - إِذَا دَفَعَ رَبُّ الْمَال الْمَال لِلْعَامِل بِضَاعَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ، شَأْنُهُ شَأْنُ الْمُقَارِضِ (الْمُضَارِبِ)، فَإِنَّ الْمَال إِنَّمَا دُفِعَ لِلْعَامِل فِي الْمُضَارَبَةِ وَالإِْبْضَاعِ عَلَى طَلَبِ الْفَضْل فِيهِ، فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ وَلاَ لِلْمُبْضَعِ أَنْ يَجْعَلاَ ذَلِكَ لأَِنْفُسِهِمَا دُونَ رَبِّ الْمَال. (١)
وَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُبْضَعَ (الْعَامِل) إِذَا ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ، أَنَّ صَاحِبَ الْمَال مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَا ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ يُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَال؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا دَفَعَ الْمَال عَلَى النِّيَابَةِ عَنْهُ وَابْتِيَاعِ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِمَا ابْتَاعَهُ. وَهَذَا إِذَا ظَفِرَ بِالأَْمْرِ قَبْل بَيْعِ مَا ابْتَاعَهُ،
(١) مواهب الجليل ٥ / ٢٥٥
1 / 175