12
من أن قسطنطين ملك الروم أهدى إلى المستنصر بالله في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة هدية عظيمة، اشتملت قيمتها على ثلاثين قنطارا من الذهب الأحمر، كل قنطار منها عشرة آلاف دينار عربية.
ومما نعرفه في هذا الشأن أن الوزير البساسيري سير الأموال والتحف من بغداد إلى المستنصر بالله، وكان من جملة من بعث به منديل الخليفة العباسي القائم بأمر الله والشباك الذي كان يجلس فيه ويتكئ عليه، وقد بقي هذا محفوظا عند الخليفة حتى عمرت دار الوزارة على يد الأفضل بن بدر الجمالي، فجعل هذا الشباك بها يجلس فيه الوزير ويتكئ عليه، وما زال بها إلى أن عمر الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير الخانقاه الركنية، وأخذ من دار الوزارة أنقاضا منها الشباك العباسي فجعله في القبة. أما عمامة القائم أو منديله وكذلك رداؤه فما زالا في القصر حتى استولى صلاح الدين على محتوياته، فأرسلهما فيما أرسله إلى الخليفة العباسي المستضيء بالله في بغداد، ومعهما الكتاب الذي كان القائم قد اضطر إلى كتابته على يد وزيره البساسيري، وفيه: أنه لا حق لبني العباس في الخلافة مع وجود بني فاطمة الزهراء.
13
القسم الثاني
الفنون الفرعية في العصر الفاطمي
القاعة الفاطمية في دار الآثار العربية
يلاحظ زائرو الدار أن مقتنياتها رتبت في قاعاتها المختلفة بحسب موادها؛ فجمعت التحف المصنوعة من الأحجار والرخام والجص في القاعات الثلاث الأولى، تتلوها قاعات أفردت للخشب، فأخرى للمعاد، فغيرها للخزف، فأخرى للمنسوجات والسجاد، ثم تأتي قاعة كبرى للزجاج وأخرى للمخطوطات المصورة، وجلود الكتب، وأحدث المقتنيات.
ولعل السر في ذلك أن الذين تولوا الإشراف على الدار منذ إنشائها كانوا ينسجون في تنسيق قاعاتها على منوال النظم التي كانت متبعة إذ ذاك في سائر متاحف العالم، ولعلهم كانوا يخشون أيضا إن هم رتبوا التحف بحسب العصور أن يصبح في الدار قاعة واحدة لصدر الإسلام في مصر، ثم قاعة للعصر الطولوني، وقاعة أو قاعتان للعصر الفاطمي، بينما تزدحم سائر القاعات بتحف من عصر المماليك؛ لأن الذي وصلنا منها أكثر عددا من الذي وصلنا من التحف التي ترجع إلى العصور الأخرى.
ومهما يكن من شيء فقد تنبه الأستاذ فييت المدير الحالي إلى أهمية العصر الفاطمي في تاريخ الفنون الإسلامية في مصر، ورأى إعداد قاعة خاصة تعرض فيها نماذج مما وصل إلينا من التحف المصنوعة في ذلك العصر، وقد تم نقل بعض التحف من سائر قاعات الدار إلى القاعة الفاطمية الجديدة، وسوف يعاد النظر في ترتيب معروضات الدار ترتيبا أوفق وأصلح حين يتوفر لنا المكان اللازم.
صفحة غير معروفة