X » أو «[المحدد الجغرافي] جامعة
X » وبهذه الطريقة وصلنا إلى اسم جامعة شمال آيوا وجامعة شرق إلينوي وغير ذلك.
النتيجة هي شبكة من الجامعات الحكومية التي أقيمت عادة في مدن صغيرة (يتراوح عدد سكانها بين عشرين ألفا ومائتي ألف نسمة)، وتناثرت في أنحاء الجزء العلوي من الغرب الأوسط الأمريكي على مسافات فاصلة تحتاج تقريبا خزانا واحدا من الوقود. وعلى وجه التحديد، بسبب قرب تلك الجامعات (إذ تقع في قلب المناطق السكانية التي تخدمها) وعدم علو رتبتها في التصنيف الأكاديمي، وواقعية محاور اهتماماتها العملية، وفرقها الرياضية التي تسري عن المناطق المحيطة ذات الكثافات السكانية الضعيفة؛ بحيث لا يتأتى لها دعم الفرق الاحترافية، تلافت هذه المؤسسات وصمة النخبوية أو البرج العاجي التي غالبا ما توصم بها - سواء بطريقة مستحقة أم لا - جامعات ساحلية خاصة على ألسنة عناصر من المجتمع الذين حينما يصورون سينمائيا، يصورون على أنهم غوغائيون ناقمون. هذا من الممكن أن يكون قد تغير خلال القرن الواحد والعشرين بسبب تسييس العلم، لكن لا شيء من ذلك كان موجودا في المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي في الفترة من منتصف القرن العشرين إلى أواخر القرن ذاته، عندما كانت مواقف معظم الناس من العلم قد أثرت فيها المضادات الحيوية وتطعيمات مرض شلل الأطفال والصواريخ المرسلة إلى القمر أكثر من التناقضات الحالية حول ما يستحيل حدوثه فيما يتعلق بالتطور والاحترار العالمي.
بناء على مقاييس عددية للانتقائية والمكانة الأكاديمية إلى آخره - صدقني، تلك هي فعلا نوعية المعايير التي يستخدمها هؤلاء الأشخاص للتحكم في كل شيء - هذه الكليات أصبحت في مكانة ما أدنى من الكليات الخاصة القديمة المرموقة الواقعة على السواحل (ليس لأن الناس هناك أكثر غباء، ولكن لأن جزءا من رسالتها يتمثل في جذب المواهب الأكاديمية على اختلافها، في حين تشغل الكليات الساحلية مستوى محددا تماما). وقد أثقل هذا كاهلهم، بالإضافة إلى ما يتصف به سكان الجزء العلوي من الغرب الأوسط الأمريكي من العناد وقلة تقدير الذات، ناهيك عن العدوانية السلبية، وأصبح لديهم نوع من الميل المخجل إلى وصف أنفسهم بأنهم «هارفرد الغرب الأوسط» وما شابه ذلك. لكن عند النظر بإمعان وبدون التوغل أكثر في شأن سياسة الساحل مقابل سياسة الغرب الأوسط الأمريكي، فإن إنجازات جامعات الولايات كانت أكثر تميزا، وبالتأكيد أكثر تفردا، في أن المرء لن يتوقع بالضرورة لجامعات حكومية جديدة أن تكون قادرة على تحقيق إنجازات مرموقة كهذه في ظل منافسة مع كليات خاصة أقدم بكثير لا تفعل شيئا سوى تكديس إمكاناتها (ثروتها) قرنا بعد قرن، وتعليم أبناء العائلات الكبيرة ذوي المهارات الممتازة الذين تلقوا إعدادا على أفضل نحو.
إنني أصف هنا موقفا كان قائما خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ربما يكون الوضع قد اختلف الآن، لكن في تلك الأيام، انتقل طلاب الدراسات العليا وأعضاء هيئة التدريس من مدينة جامعية في الغرب الأوسط الأمريكي لأخرى على نحو مشابه لتنقل العرب عبر التضاريس الوعرة، وجميع المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي متماثلة في هذا الشأن مهما اختلفت. وما اختلف فقط هو ألوان المدرسة والتمائم.
العزلة الجغرافية هي أساس ثقافة المدن الجامعية في الغرب الأوسط. إذا كان لديك وظيفة أكاديمية - مثلا - في بوسطن الكبرى، فإنك تقضي يوم عملك في ثقافة مماثلة لثقافة المدن الجامعية في الغرب الأوسط، لكن عندما تعود إلى منزلك في سوجس أو شقتك في ألستون - برايتون، فأنت في مكان سوف تستمتع فيه على الأقل نظريا بمكانة رفيعة بفضل درجتك العلمية ووظيفتك المرموقتين حتى إذا كنت لا تتقاضى فيه راتبا أكبر من رواتب المحيطين بك. وبعض الأشخاص سوف يعاملونك بدرجة من التوقير، حتى أولئك الذين يذكرونك بأنك شخص غريب في المنظومة الأشمل. لكن إذا كنت في مدينة جامعية في الغرب الأوسط الأمريكي، فلن تمنح أي نوع من الخصوصية والتفرد.
ولا تنس أن هؤلاء هم الأساتذة أنفسهم الذين أتحدث عنهم. أطفال الأساتذة الذين يكبرون في مجتمع يكون فيه جميع آباء الأطفال الآخرين من حملة الدكتوراه، ليس لديهم من الأساس شعور بالانتماء إلى فصيل يتسم بالخصوصية أو حتى بالاختلاف.
كان هناك تفاصيل معينة أخرى لمدن الغرب الأوسط الجامعية التي قد تجد مكانها في معالجات أكثر استفاضة لهذا الموضوع، مثل تعامل الناس مع أبناء جامعي القمامة وبنات المزارعين كتعاملهم مع غيرهم؛ ما داموا أذكياء، والكيفية التي يفاجأ بها الطلاب - دون أن يسعدهم ذلك دوما - الذين ينتمون إلى أماكن كان ينظر إليها في تلك الأيام باعتبارها غريبة ونائية للغاية (تايلاند وأفغانستان ونيجيريا) عندما يرون أبناءهم قد انخرطوا انخراطا كاملا في مجتمع الغرب الأوسط الصغير، ويذهبون بها إلى حفلات البيرة ويترددون على منازل أصدقائهم كما لو كان أجدادهم قد قدموا على متن السفينة «ماي فلاور» التي أقلت الرواد الأوائل إلى أمريكا.
الافتراض الذي يستند إليه استخدام هذا التمهيد، الذي سنوضحه وندعمه بالأدلة بعد قليل هو أن ديفيد فوستر والاس في كتابه «كل شيء وأكثر» يتحدث بلغة استقصائية ويستخدم أسلوبا استقصائيا من شأنهما أن يجعلا الأشخاص الذين لم يتنفسوا هواء إيمز وبلومينجتون - نورمال وتشامبين - أوربانا يشعرون بأن هذه الأماكن ليست مألوفة بالنسبة إليهم، ومن ثم يحتاجون إلى تفسير من نوع ما. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه نظرا إلى الافتقار إلى هذه الخلفية، يقع الكثيرون من نقاد ديفيد فوستر والاس في هذا النمط الشائع من الأخطاء، الذي يتضمن محاولة تفسير أسلوبه ومنهجيته بعزو مواقف أو دوافع معينة إليه، ثم يصابون بحالة من الارتباك أو الغضب أو الشعور المباشر بالإساءة حيال تلك المواقف والدوافع. إنه خطأ يؤدي إلى إرباك قاطني المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي الذين يرون هذا الكتاب ببساطة على حاله: مؤلف جديد من المؤلفات الذكية التي تحاول تفسير مادة ما مثيرة للاهتمام. •••
إن الحقيقة المؤسفة أنني لم ألتق قط بالسيد والاس (باستثناء مقابلات غير مرتب لها حدثت بالمصادفة في ملعب المدرسة) ليست بالضرورة شيئا يحول بيني وبين تأليف مقدمة لهذا الكتاب. ولهذا السبب، فإن كل ما أنا بحاجة إليه هو شيء من المعرفة بالعمل الذي أكتب مقدمة له. ولكن بما أن أي شخص يمكنه قراءة الكتاب الذي بين أيدينا، فإن هذا لا يمكن أن يكون مؤهلا فريدا أو حتى غير عادي لكتابة المقدمة؛ ولذا فإن استراتيجيتي هنا هي إرساء نقاط معينة تتعلق بديفيد فوستر والاس وعمله هذا، استنادا إلى منشئنا المشترك وحده، وهو المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي، وهذه النقاط مجرد تخمينات جامحة أنا على يقين تام بأنها صحيحة. يمكن التعبير عن هذا بإسهاب كبير، لكن بما أن هذه مجرد مقدمة إلى الكتاب الفعلي («كتيب» ديفيد فوستر والاس)، فإنني أخاطر بالإفصاح عن فكرتي الأساسية مباشرة وأخبرك بأن الأمر كله يتعلق بإنكار مثالي يغلب عليه طابع المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي، أو على الأقل بتخل عن موقف معين من المعرفة التي نقلت في قصة بروميثيوس على الطريقة الإغريقية، وفي قصة حواء ضمن التراث اليهودي المسيحي.
صفحة غير معروفة