كانت الساعة قد دقت الحادية عشرة حين وصل سام وآندي إلى المنزل بعد هروب إلايزا وسارا يتصارعان نحو نهاية الشرفة، أما السيدة شيلبي فجاءت مسرعة نحو السور. «أهذا أنت يا سام؟ أين هم؟» «السيد هالي يستريح عند النزل، إنه في غاية التعب والإنهاك يا سيدتي.» «وماذا عن إلايزا يا سام؟» «في الواقع، إنها في الجهة الأخرى من العالم. إنها في أرض كنعان كما يقولون.» «ماذا؟ ماذا تقصد يا سام؟» «الرب يحفظ أولياءه يا سيدتي. لقد عبرت ليزي النهر نحو ضفة أوهايو وكأن الرب أرسل إليها عربة يجرها حصانان.» «تعال إلى هنا يا سام!»
قال السيد شيلبي الذي تبعهما نحو الشرفة: «تعال إلى هنا يا سام، وأخبر سيدتك بما تريد. تعالي يا إميلي» بينما لف ذراعه حولها وأكمل: «أنت تشعرين بالبرد وترتجفين؛ إنك ترهقين نفسك كثيرا.» «أرهق نفسي كثيرا! ألست بامرأة - ألست أما؟ ألسنا مسئولين أمام الرب عن هذه الفتاة المسكينة؟»
صاح سام تحت الشرفة قائلا: «هاك يا آندي، أيها الزنجي، استيقظ. خذ تلك الجياد إلى الحظيرة. ألا تسمع نداء السيد؟» وسرعان ما ظهر سام عند مدخل الصالة وفي يده سعفة نخلة.
قال السيد شيلبي: «والآن يا سام، أخبرنا بالتفصيل كيف كان الأمر. أين إلايزا إذا كنت تعلم؟» «في الواقع يا سيدي، لقد رأيتها بأم عيني وهي تعبر على الجليد الطافي على الماء. حدث الأمر على هذا النحو: وصلت أنا والسيد هالي وآندي إلى تلك الحانة الصغيرة، وكنت أسبقهما لأنني كنت أكثرهم رغبة في الإمساك بليزي، وحين وصلت إلى النزل، كنت على يقين بما يكفي بأنها هي من تسير هناك، وكان السيد هالي وآندي قادمين خلفي. خلعت قبعتي وغنيت بعلو صوتي حتى كدت أحيي الموتى، وبالطبع سمعت ليزي صوتي، وانطلقت عائدة أدراجها حين عبر السيد هالي الباب، ثم اختفت ليزي فجأة في باب جانبي، ونزلت إلى ضفة النهر، ورآها السيد هالي، وصاح فيها، ووقفنا نشاهدها أنا وآندي والسيد هالي. نزلت ليزي إلى النهر وكان التيار يجري باتساع عشر أقدام، وكانت كتل الجليد تنتشر في الأرجاء وتتحرك هنا وهناك، وكأنها جزر عملاقة وسط الماء. أصبحنا خلفها تماما وظننت أننا سنمسك بها، كنت واثقا من ذلك، ثم سمعت صرخة ذعر لم أسمع لها مثيلا من قبل، وأصبحت ليزي فجأة على قطعة من الجليد الطافي على الماء، ثم استمرت في صراخها وقفزاتها، حتى تشقق الجليد تحت قدميها وراح يتشقق بينما تتقافز هي عليه وكأنها غزالة!»
جلست السيدة شيلبي في صمت تام وقد شحب وجهها بفعل شعورها بالإثارة، بينما كان سام يقص القصة.
ثم قالت: «الشكر للرب أنها لم تلق حتفها!»
قال سام: «لولاي اليوم لكان السيد قد أمسك بها بالفعل، أليس كذلك؟ لقد تسببت في هروب الجياد هذا الصباح وظللت أطاردها حتى قرب موعد العشاء، وقد قدت السيد هالي بعيدا عن الطريق مسافة خمسة أميال هذا المساء، وإلا كان سيمسك بليزي بسهولة كما يمسك الكلب بحيوان الراكون. هذا من حسن تدبيري.»
قال السيد شيلبي بشيء من الصرامة بقدر ما مكنه الوضع الحالي: «هذه التدابير هي من النوع الذي سيتحتم عليك أن تتخلى عنه يا سام؛ فأنا لا أسمح بمثل هذه الممارسات مع النبلاء في منزلي.» لكنه أخذ نفسا عميقا وابتسم، بينما خرج الزنجيان لتلقي مكافأتهما على يد العمة كلوي في المطبخ.
الفصل الخامس
كان السيناتور بيرد من ولاية أوهايو يشرح لزوجته القانون الجديد الذي تمت الموافقة عليه وتمريره، والذي يمنع الناس من مساعدة العبيد الهاربين من ولاية كنتاكي أو إيوائهم. أما زوجته التي لا يتخطى طولها مستوى صدره فكانت واقفة وعيناها لامعتان ووجنتاها متوهجتان، وكانت تقول بأنها كانت ستمحو هذا القانون من الوجود لو أتيحت لها الفرصة، ذلك حين أطل كادجو العجوز برأسه ذي الشعر الخشن من الباب وقال: «سيدتي، أيمكنكما الحضور إلى المطبخ لدقيقة؟» «أيمكنكما الحضور إلى المطبخ لدقيقة؟»
صفحة غير معروفة