هناك البرق الإلهي ملء الكون يلتمع ويخطف، ولكنه من الإنسان كشعلة تتوهج في غرفة أرضها وسقفها وحيطانها من المرايا، وليس في هذه الغرفة إلا هذا الضوء ورجل أعمى!
فلا سخرية ولا ضلالة ولا عبث ولا خداع إلا في أسلوبنا الإنساني المبني على حواسنا الزائغة، كما تنود
2
السفينة خفت على موج البحر، وما عبث البحر بها ولكن يعبث بها وزنها. •••
يريد الله أن نخلق لأنفسنا معنى من السمع والبصر ليس في أذن ولا عين، وأن نزيد في مجموعة أعصابنا الواهنة عصبا عقليا يراه ويسمعه ويدركه ويؤمن به،
3
فالإيمان قوة جبارة لا تجمع إلا من رد كل أطراف النفس
4
المنتشرة إلى عقدتها الروحية، وحبسها أكثر حواسها في حس واحد عنيف مؤلم، ووضع المناعم المضنون بها في ذلك المعنى المفتوح المتهدم الذي لا يمسك شيئا وهو الزهد، وحصر الآلام الطاحنة في ذلك المعنى المطبق المتحجر الذي لا يفلت شيئا وهو الصبر، ورد الأخلاق كلها إلى ذلك العنصر الذي يضيف معنى الحديد إلى معنى اللحم والدم وهو الإرادة، وبعد ذلك كله وضع كل شيء إنساني في ضوء من أضواء الكلمة المتألهة المسماة بالفضيلة.
يا إلهي! ما أقواك وما أضعفنا! كأنك تقذفنا من السماء فنجهد من بعد أن نرتفع إليها بأنفسنا على أجنحة الأعمال التي تطير بجاذبية مما تحب!
صفحة غير معروفة