كتاب جمل الغرائب للنيسابوري وأهميته في علم غريب الحديث
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تصانيف
الذي قرأه ياقوت فقال في ترجمته: "وقد ادعى الإعجاز في بعض تصانيفه" (١) . وهو يقصد كتاب جمل الغرائب هذا، فإنه لم يذكر من مؤلفاته إلا كتاب إيجاز البيان وخلق الإنسان وهذا الكتاب.
وأرى أن في قول النيسابوري "بين الإيجاز والإعجاز" تلميحًا إلى كتاب لبلديه الشهير أبي منصور الثعالبي النيسابوري (٤٢٩هـ) سماه " الإعجاز والإيجاز"ويسمى أيضًا "إعجاز الإيجاز"، ولم يخرج كلامه مخرج الادعاء بأن كتابه معجز، وإنما غرضه أنه اختصر الكلام بأقصى ما يستطاع، وهذا أيضًا غير مسلم له، ولكن بعض المصنفين –غفر الله لهم- جروا على إطراء كتبهم.
على كل حال، فإن طريقته التي سار عليها في هذا الكتاب: أنه ينص أولًا على المصدر الذي ينقل منه مشيرًا إليه برمزه، ثم يثبت الحديث من غير سنده، ويتبعه تفسير ما جاء فيه من الألفاظ الغريبة ملخصًا إياه من المصدر نفسه. وإليكم أنموذجًا لهذا التلخيص والاختصار:
نقل أبو عبيد حديث حكيم بن حزام أنه قال: "بايعت النبي ﷺ ألا أخرّ إلا قائمًا"، ثم ذكر سنده، ثم قال: "وقد أكثر الناس في معنى هذا الحديث، وماله عندي وجه إلا أنه أراد بقوله (لا أخرّ) أي لا أموت؛ لأنه إذا مات فقد خرّ وسقط. وقوله (إلا قائمًا) يعني: إلا ثابتًا على الإسلام. وكل من ثبت على شيء وتمسك به، فهو قائم عليه. قال الله ﵎: ﴿ليْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ
_________
(١) معجم الأدباء ٦: ٢٦٨٦.
1 / 38