وفي نفي الحكم منه بشيء من ذلك لأعدائه ما يقول لإبراهيم صلى الله عليه لا ينال عهدي الظالمين، والعهد فهو العقد بالأمانة والحكم لهم بالطاعة ومعنى لا ينال عهدي الظالمين، فهو لا يبلغهم ولا يجيزهم.
وسألت: عن قول الله سبحانه: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون فهذا إخبار من الله سبحانه أن كل من عبد من دون الله أحدا وكان المعبود من دون الله راضيا بذلك من فعل العابدين، فإنه ومن يعبده حصب جهنم وحصب جهنم هو حطبها ووقودها أنتم لها واردون يرتد أنتم إليها صايرون وفيها داخلون، والعبادة فقد تكون على معنيين: فمنها عبادة ربوبية، ومنها عبادة سمع وطاعة واستقامة من المأمور لأمر الأمر.
فأما عبادة الربوبية فهو مثل من قد عبد النجوم، وعبد المسيح وعبد العزير وعبد اللات والعزا وودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا فهؤلا يعبدهم من يعبدهم عبادة ربوبية يتخذونهم آلهة من دون الله يتقربون بعبادتهم في قولهم إلى الله ولا يعبدون الله إجلالا زعموا وإعظاما من أن يعبدوه فاتخذوا هؤلاء أربابا من دون الله يعبدونهم لكفرهم وضلالهم وغيهم وإفكهم.
وعبادة الطاعة والاستقامة مثل عبادة من أطاع إبليس فنهاهم الله عزوجل عن عبادته ونهى عن طاعته، وذلك قوله سبحانه: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ) وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم.
والشيطان لعنه الله لم يعبده أحد من الناس عبادة ربوبية وإنما عبادتهم له فيما نهاهم الله عنه في الطاعة له فيما يأمرهم به ويوسوس لهم، وكذلك معنا قول الله سبحانه هاهنا وأن اعبدوني يريد أطيعون ولا تطيعوا إبليس اللعين، فهذا معنا قوله: وما سألت عنه من قول الله إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون.
صفحة ٨٢