وإذا كانت كلمة تؤدى إلى شئ من التناقض فيجب أن ننظر كم معنى يمكن أن تحمل عليه فى سياقها. ففى قوله: «هناك وقفت الحربة البرنزية» ينبغى أن نسأل كم معنى يمكن أن يحمل عليه «الوقوف». وهذه خير طريقة للفهم. وهى ضدما ذكره جلاوكون من أن بعض النقاد يتعجلون الحكم بدون علة، وبعد أن يثبتوا التهمة يأخذون فى البرهان، ويدينون ذلك المعنى الذى توهموه — كأنما هو ما قاله الشاعر — إذا وجدوه مناقضا لما يؤمنون به. وهذا ما كان منهم فى قضية إيكاريوس، فقد توهم النقاد أنه كان من أهل لا كيدايمون: واستنكروا أن تيليما خوس لم يلقه عندما ذهب إلى هناك، ولعل ما رواه أهل كفالينيا هو الحق فى ذلك. فهم يقولون أن أوديسيوس قد تزوج امرأة منهم، وإن أباها كان اسمه إيكاديوس لا إيكاريوس. فالاشكال إذا إنما جاء من غلطة. وينبغى — على العموم — أن يسوغ المستحيل اعتمادا على الصنعة الشعرية، أو على تحسين الواقع، أو على الرأى الشائع. فأما عن الصنعة الشعرية فينبغى أن يفضل المستحيل المقنع على الممكن غير المقنع. فقد يكون من المستحيل وجود أشخاص كالذين يصورهم زويكسيس. وأما عن تحسين الواقع فينبغى أن يكون المثال أفضل وأسمى من الحقيقة. وأما القول الشائع فننسب إليه ما خالف العقل، ونحتج أيضا بأن الأمور المخالفة للعقل قد يقبلها العقل، فإنه من المعقول أن يقع شئ خارج عن المعقول.
والأمور التى تبدو متناقضة يجب أن تبحث بالقواعد نفسها التى تتبع فى المناقضات الجدلية: فينظر آلشئ المعنى واحد؟ أمنسوب هو إلى شئ واحد ؟ أكيفية النسبة واحدة؟ فينبغى إذا أن نحل المشكل بالرجوع إلى ما يقوله الشاعر نفسه، أو إلى ما تواضع عليه العقلاء.
والأمور غير المعقولة والخلق الخسيس معيبان إذا لم تكن ثمة ضرورة إلى مخالفة العقل كما صنع أوريبيديس : «إيجى» أو إلى سوء الخلق كحال منلاوس فى «أورستيس».
صفحة ١٥٠