وإنه لمضحك أن يبدو الشاعر مستخدما لهذه الطريقة فى قريب من هذا، ولكن الاعتدال أمر واجب فى جميع الأجزاء، فإنك قد تحدث هذا الأثر بعينه باستخدام الاستعارات والألفاظ الغريبة والأنواع الشبيهة بهذين استخداما غير لائق لقصد الإضحاك. وما أبعد هذا عن حسن التصرف فى الألفاظ! اعتبر ذلك فى الملاحم بأن تدخل فى الوزن كلمات نثرية، فإنك إذا أحللت كلمات عادية محل هذه الكلمات الغريبة وهذه الاستعارات وهذه الأنواع الأخرى، تبين لك صدق ما قلناه ففى بيت أيامبى واحد نظمه أيسخولوس وأوريبيديس كلاهما لم يزد أوريبيديس على أن غير كلمة واحدة بأن وضع كلمة غريبة فى مكان الكلمة العادية، فإذا بأحد البيتين يبدو جميلا وإذا بالبيت الآخر يبدو سقيما. فقد قال أيسخولوس فى «فيلوكتيتس»: «قرحه تأكل لحم قدمه».
فوضع أويبيديس «تنهش» (Θουνᾶται) فى مكان «تأكل» (ἐσθίει) وكذلك البيت:
«والآن قد أمسى ضئيلا عاجزا منخوبا».
لو قلته مغيرا بكلمات مستعملة لأصبح: «والآن قد أمسى صغيرا ضعيفا مهدما». وكذلك:
«بعد أن جاء بكرسى زرى وتلاه بخوان ساذج»: لو غيرته لقلت: «بعد أن جاء بكرسى حقير وخوان صغير».
صفحة ١٢٦