ثم إنه لما كان الشئ الجميل — سواء فى ذلك الكائن الحى أو كل مركب من أجزاء — لما كل الشئ الجميل لا ينبغى أن تقع فيه الأجزاء مرتبة فحسب، بل ينبغى كذلك أن يكون له عظم لا أى عظم اتفق، لأن الجمال هو فى العظم والترتيب، ومن هنا لا يرى الحيوان الشديد الصغر جمبلا (لأن منظره يختلط لوقوعه فى زمان يكاد لا يحس) كما أن الحيوان الشديد الكبر لا يرى جميلا أيضا (لأن منظره لا يقع مجتمعا بل يذهب عن الناظرين ما فيه من الوحدة والتمام)، وذلك كما لو كان حيوان طوله عشرة آلاف ميدان — فلذلك، وكما أنه ينبغى فى الأجسام والأحياء أن يكون لها عظم وأن يكون هذا العظم مما يسهل النظر إليه مجتمعا، كذلك ينبغى أن يكون فى القصه طول، وأن يكون هذا الطول مما يسهل حفظه فى الذكر. وليس حد الطول بالنسبة إلى المسابقات أو إلى استعمال الحواس مما يدخل فى الصناعة. فلو قد أريد أن تجرى مسابقة بين مائة تراجيديا لوجب أن تنظم المسابقة بساعة الماء كما كان الشأن فى بعض الأزمان على ما يقال. أما الحد الموافق لطبيعة الأمر نفسها فهو أنه على قدر العظم — مع وضوح المجموع — يكون الجمال تبعا للعظم. ولكى نعرف على سبيل الإجمال نقول إن كل عظم يتفق فيه التغير الشقاء إلى السعادة أو من السعادة إلى الشقاء فى حوادث متسلسلة على مقتضى الإمكان أو الضرورة، فهو حد صالح للعظم.
[chapter 8]
صفحة ٦٢