أريوباجيتيكا (1644) (ماكميلان، 1915)
ولكن هل حجة إظهار الحقيقة هذه تتناسب مع حماية الخصوصية؟ يتشكك فريدريك شاور فيما إذا كانت الحقيقة مطلقة وغير وسيلية؛ ألا تضمن الحقيقة «منفعة أكبر» مثل السعادة أو الكرامة؟ إذا كانت الحقيقة وسيلية، فإن التساؤل عن أن إظهار المزيد من الحقائق يعمل على دعم هذه المنفعة الأكبر مسألة موضوعية وليس حقيقة جازمة منطقية، من وجهة نظر شاور، فإن الحجة المستندة إلى حقيقة هي «حجة مستندة إلى معرفة»، حجة تقول إن القيمة التي نحن بصددها تجعل الناس يؤمنون بأن ما يدور حولهم حقيقي.
الديمقراطية
تلعب حرية التعبير دورا أساسيا في دعم الحكم الذاتي الديمقراطي والحفاظ عليه، وهذا امتداد للحجة المستندة إلى الحقيقة، كما صاغه واضع النظريات السياسية الأمريكي ألكسندر ميكلجون:
ينبثق مبدأ حرية التعبير من ضروريات برنامج الحكم الذاتي، فهو ليس قانونا للطبيعة أو العقل بشكل مجرد، وإنما هو استنباط من الاتفاق الأمريكي الأساسي الذي ينص على أن كل المسائل العامة يبت فيها من خلال الاقتراع العام.
مع ذلك وكما هو الحال مع الحجة المستندة إلى الحقيقة، يجب استيضاح الكيفية التي ييسر أو يدعم بها الحكم الذاتي من خلال إفشاء حقائق خاصة تتعلق مثلا بالميول الجنسية لشخص ما، هل هذا «تعبير عن الرأي» من الأساس؟
في بعض الحالات، قد تكون مثل هذه المعلومات متعلقة بالحكم الذاتي، على سبيل المثال، حين ينظر المواطنون الذين يعملون من خلال حكومتهم المنتخبة على أساس ديمقراطي إلى فعل معين على أنه مناهض للمجتمع بما يكفي ليشكل جريمة، يكون القبض على الجناة ومعاقبتهم في مصلحة الحكم الذاتي، بالمثل حين يشغل الفرد منصبا عاما، يعمل من خلاله لمصلحة المواطنين، ويمثل آراءهم السياسية وينفذها، فإن أي نشاط يقوم به ذلك الشخص ويمس على نحو مباشر صلاحيته لأداء وظيفته يعتبر ذا شأن مشروع للمجتمع، ومن المؤسف أن هناك العديد من الأمثلة على سياسيين تشدقوا ب «القيم الأسرية»، واتضح بعد ذلك أنهم أشخاص داعرون بل أكثر فسادا، واختبار المصلحة العامة يمكن أن يدعم حرية التعبير عن الرأي في مثل هذه الحالات، ولكن لا ينبغي توظيف الحجة المستندة إلى الديمقراطية لتبرير حرية التعبير اللامحدودة في مجال الخصوصية.
حرية الصحافة
تتسم الحجج المستندة إلى الديمقراطية بالنضج التام في هذا الصدد، من وجهة نظر ميلتون وبلاكستون، فإن القيود المسبقة على الصحافة هي التي شكلت أكبر تهديد لحرية التعبير، فقد صرح السير ويليام بلاكستون، الفقيه القانوني الذي عاش في القرن الثامن عشر، قائلا:
تعتبر حرية الصحافة ضرورية جدا لطبيعة الدولة الحرة، ولكن هذا يكمن في عدم فرض قيود على النشر وليس في عدم التعرض للنقد عند نشر القضايا الجنائية، كل إنسان حر لديه حق لا يمكن إنكاره في أن يعبر عن أي آراء أمام العامة، ومنع ذلك يعني تدمير حرية الصحافة، ولكن في حالة نشره لمواد غير لائقة أو ضارة أو مخالفة للقانون، فلا بد أن يتحمل عواقب طيشه.
صفحة غير معروفة