الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
المبحث الثاني عشر: مشاهد الصلاة الخاشعة التي تقرّ بها العين
قال الإمام ابن القيم ﵀: «ومما ينبغي أن يعلم أن الصلاة التي تقرّ بها العين، ويستريح بها القلب، هي التي تجمع ستة مشاهد» (١)، وذكر هذه المشاهد ﵀، وهي على النحو الآتي:
المشهد الأول: الإخلاص: وهو أن يكون الحامل عليها، والداعي إليها، رغبة العبد في الله، ومحبته له، وطلب مرضاته، والقرب منه، والتودُّد إليه، وامتثال أمره؛ بحيث لا يكون الباعث له عليها حظًّا من حظوظ الدنيا البتة؛ بل يأتي بها ابتغاء وجه ربه الأعلى: محبةً له، وخوفًا من عذابه، ورجاء لمغفرته، وثوابه.
المشهد الثاني: مشهد الصدق والنصح: وهو أن يُفرِّغ قلبه لله فيها، ويستفرغ جهده في إقباله فيها على الله، وجمع قلبه عليها، وإيقاعها على أحسن الوجوه، وأكملها ظاهرًا وباطنًا؛ فإن الصلاة لها ظاهر وباطن:
فظاهرها الأفعال المشاهدة والأقوال المسموعة، وباطنها الخشوع والمراقبة، وتفريغ القلب لله والإقبال بكُليَّته على الله فيها بحيث لا يلتفت قلبه عنه إلى غيره، فهذا بمنزلة الروح لها والأفعال بمنزلة البدن، فإذا خلت من الروح كانت كبدن لا روح فيه، أفلا يستحي العبد أن يواجه سيده بمثل ذلك، ولهذا تُلفُّ كما يلفّ الثوب الخلق، ويضرب بها وجه صاحبها، وتقول ضيعك الله كما ضيعتني.
_________
(١) رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه، ص ٣٤.
1 / 85