الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
في موضع من التنزيل إلا مقرونًا بإقامتها، فالمصلُّون في الناس قليل، ومقيم الصلاة منهم أقل القليل، كما قال عمر ﵁: «الحاج قليل والركب كثير» (١).
فالعاملون يعملون الأعمال المأمور بها على الترويج تحلَّةَ القسم، ويقولون: يكفينا أدنى ما يقع عليه الاسم، وليتنا نأتي به، ولو علم هؤلاء أن الملائكة تصعد بصلاتهم فتعرضها على الربّ ﷻ بمنزلة الهدايا التي يتقرب بها الناس إلى ملوكهم وكبرائهم، فليس من عمد إلى أفضل ما يقدر عليه، فيُزيِّنه ويُحسِّنه ما استطاع، ثم يتقرّب به إلى من يرجوه ويخافه، كمن يعمد إلى أسقط ما عنده وأهونه عليه، فيستريح منه، ويبعثه إلى من لا يقع عنده بموقع (٢).
وليس من كانت الصلاة ربيعًا لقلبه، وحياةً له، وراحةً، وقرةً لعينه، وجلاءً لحزنه، وذهابًا لهمه وغمه، ومفزعًا له إليه في نوائبه ونوازله، كمن هي سحت لقلبه، وقيد لجوارحه، وتكليف له، وثِقَلٌ عليه، فهي كبيرة على هذا، وقرّةُ عينٍ وراحة لذلك.
قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ*الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (٣)، فإنما كبرت على غير هؤلاء لخلوّ قلوبهم من محبّة الله تعالى، وتكبيره، وتعظيمه، والخشوع له، وقلَّة رغبتهم فيه؛ فإن حضور العبد
_________
(١) مصنف عبد الرزاق، ٥/ ١٩، برقم ٨٨٣٧.
(٢) الصلاة لابن القيم، ص ١٠٩.
(٣) سورة البقرة، الآيتان: ٤٥ - ٤٦.
1 / 62