الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
تُفْلِحُونَ﴾ (١).
ومعلوم أن طمأنينة القلب حال الجهاد لا تكون كطمأنينته حال الأمن، فإذا قُدِّرَ أنه نقص من الصلاة شيء لأجل الجهاد، لم يقدح هذا في كمال إيمان العبد وطاعته؛ ولهذا تخفف صلاة الخوف عن صلاة الأمن، ولما ذكر ﷾ صلاة الخوف قال: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ (٢)، فالإقامة المأمور بها حال الطمأنينة لا يؤمر بها حال الخوف.
ومع هذا: فالناس متفاوتون في ذلك، فإذا قوي إيمان العبد كان حاضر القلب في الصلاة، مع تدبره للأمور بها، وعمر قد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه، وهو المُحَدَّث المُلْهَم، فلا ينكر لمثله أن يكون له مع تدبيره جيشه في الصلاة من الحضور ما ليس لغيره، لكن لا ريب أن حضوره مع عدم ذلك يكون أقوى، ولا ريب أن صلاة رسول الله ﷺ حال أمنه كانت أكمل من صلاته حال الخوف فى الأفعال الظاهرة، فإذا كان الله قد عفا حال الخوف عن بعض الواجبات الظاهرة، فكيف بالباطنة؟.
وبالجملة فَتَفَكُّر المُصلِّي في الصلاة في أمر يجب عليه قد يضيق وقته ليس كتفكُّره فيما ليس بواجب، أو فيما لم يضق وقته، وقد يكون عمر لم يمكنه التفكر في تدبير الجيش إلا في تلك الحال،
_________
(١) سورة الأنفال، الآية: ٤٥.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٠٣.
1 / 59