الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله ﷺ، وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب، كيوم الهجرة، إذ هو وصاحبه في الغار، والعدو فوق رؤوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما، وكيوم حُنَيْن، حين وَلَّوْا مدبرين من شدة بأس الكفار، لا يلوي أحد منهم على أحد، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكُّمِ الكفار عليهم، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعف عمر ﵁ عن حملها، وهو عمر، حتى ثَبَّتَهُ اللَّهُ بالصِّدِّيق ﵁.
قال ابن عباس ﵄: «كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة، إلا التي في سورة البقرة» (١).
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب ﵄ قال: «رأيت النبي ﷺ نقل من تراب الخندق، حتى وارى الترابُ جلدةَ بطنه، وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة ﵁:
اللَّهُمَّ لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقْنا ولا صلَّينا
فأنزلنْ سكينةً علينا ... وثبِّت الأقدام إن لاقينا
إنَّ الأُلى قد بَغَوا علينا ... وإنْ أرادوا فتنة أبينا» (٢) (٣)
_________
(١) أورد هذا الأثر أكثر المفسرين، انظر مثلًا: تفسير البغوي، ٧/ ٢٩٨، تفسير القرطبي، ١٦/ ٢٦٤، وذكره العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري، قبل الحديث رقم ٤٨٣٩، والمباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ٧/ ٣٧٨.
(٢) متفق عليه: البخاري، برقم ٤١٠٦، وفيه برقم ٣٠٣٤، ورقم ٤١٠٤، ومسلم، برقم ١٨٠٣، بلفظ: «والله لولا أنت ...».
(٣) انظر: مدارج السالكين، ٢/ ٥٠٢ - ٥٠٤ بتصرف.
1 / 35