كانت الطبيعة المجتمعية للصيد الفعلي وللصيد الطقوسي فيما بعد تعمل على التخفيف من حدة القلق حيال عدوانية المرء وفنائيته، وفي الوقت نفسه توطد الروابط بين المشاركين فيه. وكانت هذه الوظائف نفسية واجتماعية، وليست زراعية.
إذن تمثل أسطورة أدونيس حالة تهكمية لطرح بوركرت، فلا يكتفي أدونيس بالصيد وحده بدلا من الصيد في جماعة، بل إنه لا يعتبر صيادا في الأساس، دع عنك أنه شخص ينهكه القلق. وفيما يتعلق بأدونيس، يعتبر الصيد رياضة أكثر منه مسألة حياة أو موت؛ بناء عليه، من الصعب أن يساعد الصيد أدونيس نفسيا أو اجتماعيا. وفي المقابل، لا تزال قصة أدونيس البطولية تؤدي وظيفة تحذيرية للآخرين، كما سنناقش ذلك في الفصل
الثامن .
هوامش
الفصل الخامس
الأسطورة والأدب
أخذت العلاقة بين الأسطورة والأدب أشكالا متباينة، وكان أبرز هذه الأشكال استخدام الأسطورة في الأعمال الأدبية. ومن الموضوعات المتكررة في المناهج الأدبية، المشي على خطى الشخصيات والأحداث والموضوعات الكلاسيكية في الأدب الغربي تباعا؛ ابتداء من آباء الكنيسة، الذين استعانوا بالميثولوجيا الكلاسيكية فيما كانوا يحاربون الوثنية، ومرورا ببترارك، وبوكاشيو، ودانتي، وتشوسر، وسبنسر، وشكسبير، وميلتون ، وجوته، وبايرون، وكيتس، وشيلي، ثم جويس، وإليوت، وجيد، وكوكتو، وأنويه، ويوجين أونيل. وجرى تطبيق الأسلوب نفسه مع أساطير الكتاب المقدس؛ إذ كان يتم قراءة مجموعتي الأساطير بالتبادل حرفيا ورمزيا، وكان يعاد ترتيب أحداثهما، بل وسردهما مجددا بصورة مختلفة جذريا. ويمكن العثور على هذه الأساطير في جميع أنواع الأدب، بما في ذلك الموسيقى والفيلم. وقد استخدم فرويد الشخصيتين أوديب وإلكترا للإشارة إلى أعمق الدوافع الإنسانية، كما اقترض من الأطباء النفسيين شخصية نارسيسوس للإشارة إلى حب الذات.
يحقق شيوع الميثولوجيا الكلاسيكية أو الوثنية إنجازا يفوق ما تحققه ميثولوجيا الكتاب المقدس؛ إذ استمرت الميثولوجيا الكلاسيكية بعد انهيار الدين الذي كانت جزءا أصيلا منه قبل ألفي عام. في المقابل، استمرت ميثولوجيا الكتاب المقدس في الوجود بدعم من الوجود شبه المهيمن للدين الذي تظل جزءا منه. وفي الواقع، حفظت الميثولوجيا الكلاسيكية من خلال الثقافة المتصلة بالدين الذي قضى على الدين الكلاسيكي. وحتى وقت قريب، كان لمصطلح «الوثنية» دلالة سيئة. ويعد استمرار الميثولوجيا الكلاسيكية - فيما لم يستمر الدين الذي كانت جزءا منه - رؤية عكسية ساخرة من رؤية تايلور حول مصير كليهما، على الرغم من أن تايلور يشير إلى استمرار المسيحية، وليس الوثنية، وإلى استمرار المسيحية في ظل العلم الحديث، وليس في ظل أي دين منافس.
الأصل الخرافي للأدب
يتمثل أحد الأشكال الأخرى للعلاقة بين الأسطورة والأدب - وهو ما أشرنا إليه بالفعل في الفصل السابق - في نشوء الأدب من الأسطورة، وهو أسلوب كان من رواده جين هاريسون وزميلاها العالمان في الحضارة اليونانية والرومانية القديمة جيلبرت موراي وإف إم كورنفورد. ولنضرب بعض الأمثلة الآن على هذا الأسلوب.
صفحة غير معروفة