خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة (شرح لقصيدة نشوان الحميري: ملوك حمير وأقيال اليمن)

نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (المتوفى: 573 هـ) ت. 573 هجري
78

خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة (شرح لقصيدة نشوان الحميري: ملوك حمير وأقيال اليمن)

محقق

علي بن إسماعيل المؤيد، إسماعيل بن أحمد الجرافي

الناشر

دار العودة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٩٧٨ م

مكان النشر

بيروت

معه إلى بلقيس وقومها، فلما أراد الله تعالى إكرامها بسليمان خرج مخرجا لا يدري أين مراده، إليها أم إلى غيرها، وكان إذا ركب من منزله بتدمر غدا بتدمر معه، فيكون مقبله بصف النهار، بإصطخار من أرض فارس، ثم يتروح في بيت كالبستان في غدوه ورواحه، في مثل ذلك المسير إلى كل وجه يأخذ إليه، وقول الله أصدق القائلين (غدوها شهر ورواحها شهر). قال عبيد بن شرية، وكان سليمان بن داود ﵇، إذا أراد الخروج وضع سريره على الأرض وكرسيه وكراسي أصحابه وجلسائه، ثم جلس وأجلس الإنس على يمينه وشماله، وأجلس من ورائهم عمراتبهم، فمنهم قائم ومنهم جالس وأظلته الطير وأقلته الريح، وسارت بهم لا تزيل أحدا من مجلسه، ولا تفسد عليه شيئًا من عمله، حتى يأذن لها بوضعها فتضعها على الأرض، فيقضي غرضه ويأمرها بالرجعة فترجعهم فتنقلهم إلى حيث يريد الوقوف. وعن وهب بن منبة الأبناوي قال: ورث سليمان الملك، وآتاه الله النبوة، وسأله أنْ يهب له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، ففعل، فسخر الله له الريح والجن والإنس والطير، وكان فيما يذكرون أبيض اللون، وضيئا جسيما، وكثير الشعر، يلبس الثياب البيض، فإذا خرج من بيته إلى مجلسه عكفت عليه الطير، وقام له الإنس والجن حتى يجلس على سريره، وكان نبيا غزاء قل ما يغفل عن الغزو، ولا يسمع بملك في ناحية من الأرض إلاّ أتاه حتى يذله، وكان - فما يزعمون - إنْ أراد الغزو ضربت له سفينة من خشب، ثم نصب عليها

1 / 78