خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
الناشر
دار صادر
مكان النشر
بيروت
مِنْهَا لِلْمَسْجِدِ مَا يحْتَاج فَكَانَ يُسمى الله تَعَالَى وَيُعْطى وَاسْتمرّ مُدَّة طَوِيلَة حَتَّى حمل الْحَسَد رجلا قَالَ الشَّيْخ أَن أَحْمد لَا يقدر على حفظ الزبت فسلمه الشَّيْخ الْمِفْتَاح وعزل الشَّيْخ أَحْمد فَمَا مضى نَحْو أُسْبُوع وَإِذ بِالرجلِ قَالَ فرغ الزَّيْت فَقَالَ الشَّيْخ سُبْحَانَ الله كَانَت الْبركَة فِي يَد أَحْمد وَلَو اسْتمرّ الْمِفْتَاح عِنْده كَانَ الزَّيْت يُقيم سنوات وَله مؤلفات مَقْبُولَة مِنْهَا تروية الْأَرْوَاح وأعذب المشارب فِي السلوك والمناقب الْمَتْن لَهُ منظوم وَالشَّرْح لَهُ المنظوم وَله منثور ومطلع المنظوم قَوْله
(إِلَيْك بك اللَّهُمَّ وجهت وَجْهي ... وفيك إِذا مَا هَمت ألفيت همتي)
(لقد سدت الْأَبْوَاب عني وَقصرت ... فأسألك التَّفْرِيج من كل شدَّة)
(لَك الْحَمد إِذْ أظهرت فِي الْكَوْن سادة ... تحلى بهم وَالله جيد الملاحة)
(بهم كل جود فِي الْوُجُود وَمَا لمن ... أحبهم غير الهنا والمسرة)
(لَك الْحَمد إِن أشغلت قلبِي بذكرهم ... وشرفت مَا أمْلى بِوَصْف الْمحبَّة)
(فهم نور عَيْني وَالْجمال يحفهم ... وهم روح جسمي والحياة بجملة)
(لَك الْحَمد فارحمني إِذا مَا ذكرتهم ... بِوَصْف جميل واصلح الله نيتي)
وَقد ذكر فِي الشَّرْح شَيْخه أَبَا الْوَفَاء وَأَطْنَبَ فِي مناقبه وَذكر فِيهِ الشَّيْخ عمر العرضي وَأطَال فِي مدحه وَكَانَ سَأَلَ العرضي الْمَذْكُور أَن الْمُقَرّر أَن النَّبِي أَعم من الرَّسُول مَعَ أَن الله تَعَالَى علق الْإِرْسَال على كل شئ فَقَالَ وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى دلّت بصريحها أَنه مَا من شَيْء إِلَى وَقد أرسل الله إِلَيْهِ أجَاب بِأَن الرَّسُول الْمَعْرُوف إِنْسَان أُوحِي إِلَيْهِ بشرع وَأمر بتبليغه ذَاك بِحَسب عرف أهل الشَّرْع والإرسال المُرَاد فِي الْآيَة الْإِرْسَال اللّغَوِيّ قَوْله ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح﴾ وَنَحْو ذَلِك وَلم يعرف لَذَّة الْجِمَاع أصلا وَلما ورد شاه ولي الخلوتي الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى صَاحبه الشَّيْخ أَحْمد وتلمذته وَأخذ عَنهُ الْبيعَة حَتَّى تعجب النَّاس من حسن أَخْلَاق الشَّيْخ أَحْمد وَلبس الشَّيْخ أَحْمد جَمِيع مريديه تَاج الخلوتية وَشرع بقيم الذّكر على أسلوب الخلوتية فَكثر أَتْبَاعه وقصده النَّاس من جَمِيع أقطار حلب إِلَّا أَن المشددين فِي الزّهْد مَا أعجبهم هَذِه الْحَالة لكَون الطَّرِيقَة العلوية مَحْض سنة محمدية وَاتخذ لَهُ كرسيا يجلس عَلَيْهِ يَوْم شكوى الخواطر فَكَانَ يقْرَأ بعض آيَات قرآنية ويفسرها للنَّاس وَأَقْبَلت عَلَيْهِ الدُّنْيَا والنذورات وأسرعت الْحُكَّام وأرباب الدولة إِلَى زيارته وَلما أدْركْت الشاه ولي الْوَفَاة بحلب اجْتمعت عَلَيْهِ أهالي بَاب
1 / 258